الاثنين، 14 نوفمبر 2011

محمد حسان.. سلطان العلماء!

113932544 بين دمشق والقاهرة عاش سلطان العلماء، العز بن عبد السلام، وكان رجلاً فقيهاً عالماً، شهد له القاصى والدانى بعلمه وخلقه، حينما كان فى دمشق إبان ولاية الصالح إسماعيل الأيوبى، عقد الصالح الأيوبى اتفاقاً مع الصليبين أن يعطى لهم مدينتي صيدا والشقيف، وأن يسمح لهم بشراء السلاح من دمشق، مقابل أن يعينوه فى حربه ضد أخيه نجم الدين أيوب حاكم مصر.

عندما علم العز بن عبد السلام بهذا الاتفاق خرج على منبره، وأنكر على الحاكم هذا الاتفاق، وقال إن الصالح إسماعيل لايملك بلاد الإسلام لكى يتنازل عنها للصليبين، وأفتى على منبره بعدم جواز بيع السلاح للصليبين، لأنهم سيقتلون بها المسلمين.

وذاعت كلمات العز بن عبد السلام أرجاء دمشق، وتنامت إلى سمع الصالح الأيوبى، فما كان منه إلا أن قضى بعزله من منصبه فى القضاء، ثم منعه من الخطابة، ثم ضاق به فأمر باعتقاله وحبسه.

بين المنصورة والقاهرة عاش الشيخ محمد حسان، الداعية السلفى الأشهر فى مصر، وشهد له القاصى والدانى بحلاوة لسانه، وحسن بيانه، حتى ملك قلوب الناس، وصار له من المريدين الألاف، وصار له من المقدسين الألاف، حتى غدا نقد الشيخ هو نقد للإسلام ذاته.

فى عام 2008 دعت الحركة العمالية فى مدينة المحلة الكبرى لإضراب عام فى مصر احتجاجا على سياسات حسنى مبارك، ذلك الطاغية الذى أفسد مصر والمصريين، وشاعت الدعوة فى البلاد، ووقف الناس يترقبون موقف الدعاة والمشايخ من تلك الدعوات.

فما كان من الشيخ محمد حسان إلا أنه خرج على منبره وقال: إن الفقر والغلاء والبلاء لن يرفع بالإضرابات والمظاهرات والاعتصامات، ولكن سيرفع بقرب الناس من الله، وبالدعاء، وتجاهل الشيخ تماماً أن سبب الفقر والجهل والغلاء وبُعد الناس عن الدين هو الاستبداد الذى يضرب البلاد.

جاء العز بن عبد السلام إلى القاهرة، القلب العربى الثائر، وكان الصالح أيوب فى سُدة الحكم وقتئذ، وهو ذات الرجل الذى اصطدم مع الصالح إسماعيل بسببه، فقد تبين له بعدما استقر فى القاهرة أن الولايات العامة والمناصب الكبرى كلها فى أيدى المماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك، حتى أن منصب نائب السلطان ذاته كان يشغله مملوكي، وهم فى هذه الحالة يدخلون فى طائفة العبيد الذين لا ولاية لهم على الأحرار، فأفتى الشيخ بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد، وضرب الخبر أرجاء البلاد، فاشتعلت نار الأمراء المملوكيين الذين يشغلون المناصب والولايات، وأرسلوا الرسل للعز محاولين إقناعه بالتخلى عن فتاواه، فلم يتراجع العز، بل بقى مُصراً على فتاواه، فلجأوا إلى التهديد، غير أن سلطان العلماء لم تهتز له شعرة من تهديدات الأمراء المملوكيين وأصر على رأيه.

وبعدما تفاقم الأمر، وبات من المحال رجوع العز عن رأيه، رُفع الأمر للصالح أيوب، فتعجب من رأي الشيخ، ورفض فتوى الشيخ، وهنا أحس العز بن عبد السلام أن رأيه لايسمع له، وأن منصبه كقاضى يحتم عليه أن يصدع بالحق، فاستقال من منصبه، وأعلن رحيله عن مصر، فخرج الألاف من العلماء والتجار والنساء والرجال خلف الشيخ يؤيدون رأيه وينكرون على مخالفيه، ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب، فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فقال له العزُّ: إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلا بد أن يباعوا أولاً، ثم يعتقهم الذي يشتريهم، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين، فلا بد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين. ووافق الملك الصالح أيوب، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يُعرف بـ(بائع الأمراء).

بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وموقف الشيخ محمد حسان المتخاذل من الثورة، حيث فتح بوقه الإعلامي المسمى بقناة الرحمة لمشايخ السلطان يتهمون الشباب بالهوج، ويحرمون التظاهر، ويرهبون الناس من فتنة توشك أن تأكل البلاد والعباد، استطاع الشيخ حسان بقدرته على "التكيف" مع الأحوال الجديدة أن يبدل خطابه من حماية ولى الأمر فى قصر عابدين إلى ولاة الأمور فى وزارة الدفاع.

وقف الشيخ حسان على جبل عرفات فى الحج يخطب المصريين قائلاً: ( فتنة كسر الجيش، الجيش الذى ماخان، وأنا أقولها على عرفات، أقولها لله، لو وقع جيشنا فى الخيانة لكانت مصر برك دماء وأكوام أشلاء، فلماذا يريد هؤلاء أن يخونوا الجيش، وأن يتهموا الجيش بالخيانة، لتتحول بلدنا إلى فوضى لا يعلم خطرها إلا الله، والله والله لو كسر الجيش كما كسروا الشرطة لن يأمن أحدنا على نفسه فى حجرة نومه، لا تسمحوا لأحد أن يحطم الجيش وأن يكسر الجيش، فلننصح المجلس العسكرى، فلننصح بأدب، فلننصح بحكمة، كسروا الشرطة فما الذى جنته البلد؟ ).

المدهش هنا فى كلام الشيخ حسان أنه زعم أن ثمة أناس يريدون كسر الجيش، وكنت أتمنى أن يفصح الشيخ حسان عن هؤلاء الناس طالما يصدع بالحق فوق جبل عرفات غير خاشياً أحد سوى الله، لكن الشيخ حسان لقلة علمه بأمور السياسة يختلط عليه الأمر بين معارضة المجلس العسكري وكسر الجيش، المجلس العسكري هو الحاكم الأن، ومن حق كل الناس أن تعلن بوضوح سخطها على سياسات المجلس العسكرى، وتطالب بوضوح برحيله عن الحكم، وهذا ليس كسراً للجيش، لأن مؤسسة الجيش ليست هى المجلس العسكرى. غير أنه وللأسف مثلما كان بعض الجهلة أن نقد مبارك نقد لمصر، فإن الشيخ يرى نقد المجلس دعوة لكسر الجيش.

والسؤال الذى يتعين أن نوجهه للشيخ الصادع بالحق فوق عرفات، لماذا ياشيخ لم تنصح المجلس العسكرى بأدب وحكمة أن يوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين؟ لماذا ياشيخ لم تنصح المجلس بالتوقف عن اغتصاب الفتيات بالكشف عن عذريتهم؟ لماذا ياشيخ لاتنصح المجلس بالتوقف عن تعذيب المدنيين؟ لماذا ياشيخ لاتنصح المجلس بالتوقف عن دهس المتظاهرين السلميين؟ لماذا ياشيخ لا تنصح المجلس بأن يفى بوعده بتسليم السلطة خلال ستة أشهر للمدنيين؟ أليس هذا نكوثاً لوعد قد قطعه المجلس على نفسه؟ لماذا ياشيخ؟ لماذا ياشيخ .... ؟

هناك المئات من القضايا التى يمكن أن تصدع فيها بالحق ياشيخ وأنت هنا فى القاهرة، ولاتحتاج أن تسافر للحج كى تدعو الناس لها.

وخلاصة القول أنه بين موقف حسان الذى يخشى كسر الجيش لمجرد أننا نعارض سياسته، ونرفض ظلمه للثوار، وبين موقف العز بن عبد السلام الذى قضى ببيع الأمراء المملوكيين ولم يعبأ بتفكك الدولة، ولا بتهدم أركانها ببيع هؤلاء، مسافة كبيرة تسمى الإخلاص.


Share/Bookmark

15 التعليقات:

Unknown يقول...

رائئئئئئئئئئئئئئئع يا أبو العزم. ماشاء الله ربنا يفتح عليك

techecho يقول...

مقال جميل يامحمد وخصوصا الجزءالاخير

Unknown يقول...

اعجبنى النقد بأدب و هدوء غير كثير من الناس

Lomy يقول...

ما شاء الله نقد رائع جدا و اسلوب راقي نادر حقيقي

كثرت الوجوه التي تحدثت بمثل ما تحدث به الشيخ حسان فظهر علينا الشيخ و الصحفي و الكاتب و العالم .. جميعهم ردد ما قاله الشيخ كل بإسلوبه و طريقته

فسقطت الاقنعة و ظهرت الحقيقة لمن لم يكن يدركها من قبل

لا انكر ان مثل هؤلاء بالفعل لديهم قدرة كبيرة على التأثير في الناس

لكن ادعو الله ان ندرك جميعا بعد ان نسمع و نقرأ ما يتردد من هؤلاء انه علينا نوسيع افقنا و مداركنا و عقلنا لكي نرى ما هو ابعد من الكلمات لكي نرى و نقرر ماذا سنفعل بعيدا عن اي تاثير

غير معرف يقول...

هو انت مابتكتبش حاجه وحشة ابدا؟

غير معرف يقول...

اسجل احترامى

غير معرف يقول...

اتقى اللة فى هذا الرجل

أخبار - أهرام يقول...

محمد حسان منافق

JOU يقول...

ظلمت العز بن عبدالسلام بمقارنته بهذا المنافق
رائع يا صديقى

Unknown يقول...

رائع النقد والاسلوب وكل شئ

غير معرف يقول...

نعم أحسنت ولكن خذ قول شيخ الاسلام في هؤلاء (متي ترك العالم ماعلمه من كتاب الله وسنة نبيه واتبع حكم الحاكم المبدل لحكم الله ونبيه كان كافرا مرتدا مستحقا للعقوبة في الدنيا والاخرة )وقال ايضا (ان هؤلاء الطواغيت الذين يعتقد الناس فيهم وجوب الطاعة كلهم كفار مرتدين كيف لا وهم يحلون ماحرم الله ويحرمون مااحل الله ويسعون في الارض فسادا بقولهم وفعلهم وتأييدهم أوجادل عنهم أو أنكر علي من كفرهم أو زعم ان فعلهم هذا لو كان باطلا لا ينقلهم الي الكفر فأقل احوال هذا المجادل أنه فاااااسق لانه لا يصح دين الا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم )

غير معرف يقول...

فتي قريش ---احسنت

غير معرف يقول...

جزاك الله خيرا أبدعت والله بحق

أخوك أبو سلمى الجهني

غير معرف يقول...

احسنت تي قريش
الولي لشيخ الاسلام بن تيميه
والثانية لشيخ الاسلام بن عبد الوهاب

مدونة وظفني يقول...

لا حول ولا قوة الا بالله كفي شتائم علي هذا الرجل العالم

إرسال تعليق