الخميس، 17 نوفمبر 2011

امرأة متزوجة ..!

75N4b-wpVN_714714811 فى ساحة الجامعة وقفت تحدق فى ملامحه، كانت فتاة بقلب طفلةٍ وعقل امرأة، بيضاء، شفيفة كبلورة تشع نورها كلما مسها نور الشمس..

حين تضحك تتكسر كل معانى الحياء على شفتيها، تنطلق كغزالة شردت عن أهلها، فلا يضبطها من حولها إلا متلبسة بجريمة ضحكتها..

عيناها تحملان معنى الأنوثة، وجنون الطفولة، كانت توزع نظراتها بين الناس وكأنها تنثر سعادتها على الجميع، رغم الألم الذى يضرب قلبها..

وحيدة كانت، قلبها مملوء بالحنين إلى شئ ما لاتعرفه، عيناها تفتشان عن نظرات عاشق لها، يدها تتجسس يد حبيب فى عالم الغيب كائن..

كان بالنسبة لها كالماء الذى يروى عطش الحب، حين رأته للمرة الأولى خطفها بعيداً، وانزوى فى ركن بعيد وطبع على شفتيها قُبلة، سرعان ما أفاقت منها على صوت صديقتها..

كان جميلاً، قوياً، طويلاً تعلوه أبهة الكبار، وجنون الصغار، كلما ضحك تفحت زهور الحياة، وراحت هى فى عالمه الأثير..

تعرفت إليه، وتقربت إليه، كلما تقرب إليها شبراً تقربت إليه ذراعاً..

صار الشوق إليه يأكلها كل يومٍ، خشيت أن تصارحه بشئ فى باطنها يكبر يوماً فيوم، خافت أن تفصح عن سر يكمن فى قلبها، ويطفو على شاطئ عينيها كل يوم..

كانت مصارحته بحبها شئ فوق احتمالها، وكان صمتها شئ فوق احتمال الإنسانية كلها.. غير أنها قررت أن تصارحه، وترمى بنفسها فى بحر عينيه غير عابئة بأمواجها ..

كضحكة طفلة توردت وجنتيها من هواء الحب قالت: أحبك ..

كملك عظيم يقف ممسكاً بسيف الحب تبسم، وقال: وأنا أحبك ..

منحته كل أنوثتها، كل حبها، كل عقلها، كل حبها، تنازلت كثيراً عن أشياءٍ كانت مقدسة، وإنما لأجله صارت غير مقدسة، كل شئ يهون أمام لمسة من يديه، أو كلمة حب تسمعها من شفتيه عبر أثير الهاتف بعد منتصف الليل ..

عاشت أيامٍ كأيام حواء مع آدم فى جنة لا أحد سواهما فيها، وأحست بدفئ الحب، وسكون الحياة من حولها إلا من حبيبٍ يشعل قلبها..

مرت الأيام سريعاً، وأنهيا الجامعة، كان لابد بعد قصة حبٍ يحلم بها كل العاشقين أن يبحثا عن سبيلٍ للزواج، غير أن حبيبها كان بعيداً عنها، كانت هى فى سماء البرجوازية، وكان هو يحلق ويتعثر فى الطبقة الوسطى.

مثلما منحته كل شئ، وقفت إلى جواره، حاربت من أجله، وقفت فى وجه كل الدنيا، حتى أهلها، حاربتهم لأجله، وكان هو لايملك الكثير لأجلها، احتالت على أهلها وأعطته من أموالها كى يشترى لها مايطلبه أهلها.

كانت نظرة من عينيه كفيلة بأن تنسى كل ألالام الدنيا..

وفى يوم حفت فيه الملائكة عرش عروسنا، جلست إلى جواره، يداهما تتعانقان، عيناهما لاتكف عن حمل الرسائل بينهما، ينظر إليهما الجميع بشغف وغبطة، كيف فاز بها؟ وكيف منحته هذا الجمال الملائكى.. هنئياً لك ياحبيبها..

كان أول الزواج جميلاً، عذباً، منحها كل ماتريده امرأة من رجل، غاصت فى باطنه، وانصهر فى مكمنها، وغدت أرواحهما وأجسادهما جسداً واحداً.. وكأنما كان يخلعان نفسيهما على سريرهما ليصبحا نفساً واحدة.

وبعد شهور حمل جوفها أمارات السعادة والحب..

خلقت له طفلة كأجمل ماتكون، وكأن الله قد ترك لها رسم تفاصيل ابنتها، وكأن القدر قد غفل عن طفلتها فتركها لها تختارها كيف شاءت..

أضاءت طفلتهما حياتهما، وأنارت لهما طريق الحب، غير أن حبيبها كان اختار طريقاً آخر، سار فيه وحيداً، وتركها مع طفلتها ترقب عودته..

خطفته الدنيا من بين أحضانها، وتوارى حبه يوماً فيوماً، وتلاشت نظراته شيئاً فشيئاً، كوردة جميلة تجرح حائط قلبها غاب عنها حبيبه..

كان حاضراً ولكنه حضور كالغياب.. اشتاقت إليه كاشتياق أمٍ لرضيع فى حجٍرها..

أنجبت ابنتها الثانية، وزداد النور فى قلبها، وازداد البُعد فى قلبه، غاص فى غيابه، كان جسداً حاضرة، وروح غائبة..

كانت تنام لتحلم بحبيبها، وجسده يلاصق جسدها، لكن أراوحهما بعيدة، روحها فى روحه، وروحه التصقت الدنيا..

أحبها حقا، وأحبته حقا، لكنهما تزوجا ..


Share/Bookmark

7 التعليقات:

techecho يقول...

قصة واقعية جدا , وتحدث لكثير من المحبين بعد زواجهما

Ibrahim Awwad يقول...

صباح الفل يا محمد، سطور جميلة ان الواحد يبدأ بيها يومه، نفسى تبقى تكتب حاجة من بنات افكارك عن مفهوم الحب عند الرجل ومفهومه عند المرأة

غير معرف يقول...

رائعة .... كلاماتك كلمات شاعر و أسلوبك أسلوب فنان تصف قصة تجريدية تحدث كل يوم للملايين

Fadwa يقول...

لكنهما تزوجا
لما العلاقة بتتحول لأمر مسلم به بتنتهى كل حاجة
الزواج من أفشل الأشياء فى هذه الحياة

Unknown يقول...

رائع يا محمد ماشاء الله. صحيح اللى انت كاتبه بيحصل لناس كتير لأن الدنيا ومتطلباتها ما بترحمش. بس مش فى كل الحالات بيبقى الجواز هو النهاية الطبيعيه للحب. على العكس .. الجواز بيخلق حب من نوع آخر .. حب .. مودة .. رحمة .. إحنا بإيدينا اللى بنحوله إلى علاقة هشه تحت رعاية الخرس الزوجى. صباح الفل عليك :)

الصحيفة الصادقة يقول...

بارك الله فيك و عافاك
http://www.alsadiqa.com

Wohnungsräumung يقول...

رائعه جدا جدا
تمنياتنا بالمزيد من التفوق والازدهار

إرسال تعليق