الأربعاء، 14 مارس 2012

حلمُ خفيف مع درويش!

darwish قال الطبيب: عليك أن تكف عن التدخين، وسماع درويش.

قلتُ: لِمَ ؟

قال: كلاهما يوجع القلب.

ودعتُ صديقي درويش بعدما رسم جدارية على سرير الغريبة، ربما أحبك أو لا أحبك، هكذا قال لي، عما قليل سأحس أثر الفراشة بعدما أرى ما أريد، أرى حبيبتى تنهض من نومها، كمديح الظل العالي، فتلك صورتها وهذا انتحار العاشق.

عاشق من فلسطين، كان درويش، أو ربما كانت فلسطين هى عاشقته، ريثما يمر أحد عشر كوكباً مروراً خفيفاً كزهر اللوز أو أبعد، فيترك فينا ورد أقل، فنضرب حصاراً ثقيلاً لمدائح البحر.

لماذا تركت الحصان وحيداً يا أبي؟

دلني أبي على قبري، وقال: ياولدي، لاتعتذر عما فعلت.

درويش ليس شاعراً عابراً، ليس ركام من الأبجديات السخيفة، درويش معنى وروح وجسد يحمل معنى الهوية.

درويش سطور حياة تنام على صدر الموت، قافية حداثية على سور عكا، تلة ترقد دافئة على خصر القدس.

ليس شاعراً مَنْ يغرد مع الموت كما يرقص مع الحياة، ربما هو إله سماوي طريد، أقنوم جديد لإله الكلمات اليوناني القديم.

أسيرُ ببطء مع درويش حول حياتنا لنراها ناقصة فينا، وكاملة فى الأخرى، قال: هل أنا وأنت واحد ياصديقي؟

قلتُ: يامحمود نحن أقل من اثنين فى أرض الوطن.

قال: دعك من الكلمات والقافية، واكتب الحقيقة.

قلتُ: وهل ثمة حقيقة ياصاحبي؟ إننا مغرمون بها، نركض ورائها، نمد إليها أذرعنا، ولكنها ملتبسة ليست كالحقيقة.

قال: حدثني عنا، هل أنا وأنت واحد؟

قلتُ: لسنا باثنين حتى ننال اعتراف سلطة الاحتلال، ولسنا بواحد حتى تمنحنا الآلهة حق الحب.

انسابت ضحكة دافئة من بين شفتي درويش، وقال: لاشئ يوجعنى، ولكنى تعبت من السفر.

قلتُ: خدعونا ياصديقي وقالوا فى السفر سبع فوائد، وكتموا عنا حقيقة أن فى الوطن سبع وسائد محشوة بالحنين الخفيف.

خالج الحزنُ محمود لوهلة، ودون أن ينبس، سمعتُ صدى كلماته: على هذه الأرض مايستحق الحياة.

تبسمتْ من خجله من كلماته، وقلتْ: ونحن سنحبها إذا ما استطعنا إليها سبيلاً، ولكن أتحلو الحياة والكلمات غير راضية عنا؟ أتحلو الحياة وحبيبتى تنهض من نومها تحدّق فى مرآة رجل آخر؟ أتحلو الحياة على صدر باريس؟

بابتسامة مشوبة بالوجع تمتم درويش: هل عاش من لم يقطف قبلة من شفتي سور عكا ؟

قلتْ: إذن ياصديقي قد أجبتْ عن سؤالك.

قال: كيف؟

قلتُ: أنا لم أعشْ، فلم أقبل سور عكا، وأنت لم تحيا، فلم تستطع إلى الحياة بعيداً عن سلطة الاحتلال سبيلاً.

قال: وإذن؟

قلتُ: نحن لاشئ ياصديقي حتى يضحك الرب، أو يرحم العدو.


Share/Bookmark

5 التعليقات:

غير معرف يقول...

رااااائعة

bent ali يقول...

درويش
لا يمكن ان اسمع انك مررت بقلم ولا امر

تحياتي

سيد أحمد رضا يقول...

درويش ذلك اللحن الخالد في ذاكرتي، وذاكرة العالم الجميل، والحزين!!
كتبت نصاً مشابهاً بعنوان: "درويش على قارعة الطريق.." ولكني لم أنشره! لأنني كنت عازماً على كتابته على شكل حلقات، ولم أكتب منه اللا حلقة واحدة...

درويش يا ثورة اللحن: http://sayeda7med.blogspot.com/2011/08/blog-post_10.html?m=1

السيد أحمد @sayedahmed89
تحياتي

سيد أحمد رضا يقول...

عذراً..
الوصلة مجدداً:
http://sayeda7med.blogspot.com/2011/08/blog-post_10.html?m=1

أحمد صبحي يقول...

درويش يا نهرا استبد في عروقي لن ينضب أبدا
مقالك رائع سيدي :)

إرسال تعليق