تتملكنى حيرة شديدة إزاء الاستفتاء القادم على التعديلات الدستورية المزمع طرحها للاقتراع حول قبولها أو رفضها من جموع الشعب المصري، ولست أبالغ إن قلت إن فئة عظيمة من المصريين يقعون فى ذات الحيرة نحو قبول التعديلات او رفضها، ربما هى إرهاصات التجربة الديمقراطية التى حرمنا منها على مدار خمسين عاما أو يزيد.
على كل حال لست بصدد تحليل الظاهرة النفسية المصرية فى حاضرنا، ولكنى أود الوصول إلى رأى يكون إلى الصواب أقرب، وإلى الحق أهدى، ومعبدا لطريق الديمقراطية التى تتعثر ولادتها فى مصرنا الحبيبة.
قرأت فى الفترة الماضية عديد من المقالات مابين مؤيد ومعارض، ولكل منهما أسباب وجيهة إذا ماقورنت بواقع الحال فى الأرض، فبين مؤيد يخشى حكم العسكر، ويرى استمرار العسكر مفسدة لهم، وإغراءً لذوى التطلعات منهم بالوثوب على كرسى الحكم، لاسيما وبعض الجنرالات ذوى طموح يثير القلق.
بينما المؤيدون يرون دستور 1971 دستورا مهترئا اصطنعه السادات على عينه وعدّل فيه، وأصلح وأفسد كما شاءت له نفسه كى يبقى فى الحكم مدى الحياة، ومنح لنفسه صلاحيات الفرعون محتالاً بذلك على الشعب بصورة الرئيس المؤمن، وجاء بعده مبارك ليزيد ذلك الدستور المهترء أصلا إفسادا، فدفع بترزية القوانين لتفصيل قميص الدستور على مقاس العائلة، ودستور كهذا لايصلح فى مرحلة ثورية جاءت بالمجلس الاعلى إلى سدة الحكم مما عطل أصلا الدستور السابق والقاضى بأن يشغل منصب رئيس الجمهورية رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية فى حال شغر هذا المنصب.
ويرد الفريق المؤيد بأن التعديلات بمثابة إعلان دستورى يتواءم والمرحلة الراهنة، وأنه على الشعب أن يعى درس يوليو 1952 لئلا يتكرر ما حدث ونقع مرة أخرى فى براثن حكم العسكر، حيث الاستبداد والديكتاتورية.
بينما يرى الفريق الرافض أن خطر منح سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية القادم دون ضمانات لعمل دستور جديد يتوافق والشرعية الدستورية خطر أكبر بكثير من طموح بعض الجنرالات، حيث إن دستور 71 يصنع ديكتاتورا جديدا، ويخشى هؤلاء أن نحتاج للقيام بثورة اخرى بعد عدة أعوام لتغيير ديكتاتور أخر يحتمى بدستور يفترض أن الثورة قد أسقطته.
والحق أن الحيرة تزداد كلما أغرقنا أنفسنا فى تفاصيل التعديلات، خاصة مايظهر من تعارض بين بعض المواد المعدلة والمواد الباقية على حالها، ويزداد التخبط حين نعرف أن التعديلات غير ملزمة للرئيس القادم بعمل دستور جديد يتوافق مع تطلعات الشعب لدولة مدنية ديمقراطية.
وتمتزج الحيرة بالالتباس حين نقرأ أن الأمر سيكون بيد مجلس الشعب القادم فى انتخاب لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، فى حين أن الفترة القادمة غير كافية لنزول قوى ماتت وتحللت فى مدافن الحياة السياسية فى عهد مبارك، مما يعيدنا مرة أخرى إلى دائرة الصراع الشهيرة، الإخوان ورجال الأعمال، أو كما يسميهم البعض فلول الحزب الوطنى، أصحاب المصالح فلا اختلاف حول مسمياتهم، لكن الأمر فى النهاية سيؤدى إلى وصول أعضاء غير مرغوب فى وجودهم داخل البرلمان القادم، والأسوأ أنه سيكون من المنوط بهم اختيار لجنة تأسيسية، مما يزيد من قلقنا إزاء ماسيحدث.
ولأن الأمر شديد التعقيد، والحيرة تزداد، واللغط لايكف على التلويح خلف كل تفصيلة فى التعديلات الدستورية، وكذلك تصريح نائب رئيس الوزراء بأن رفض التعديلات يعنى وضع دستور جديد، فإننى أرى التوفيق بين الرأيين هو الحل، فإنهاء الحكم العسكرى الذى يتخوف منه المؤيدون سبيله الوحيد هو مجلس رئاسى يضم عسكرى واحد ومدنيين يمنع ثلاثتهم من الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وتمتد الفترة الانتقالية لعامين تحت رئاسة المجلس المختار، يجرى خلالهما طرح دستور جديد، يستفتى عليه مادة مادة، لا جملة واحدة.
وبعدما يتم الانتهاء من عمل الدستور والاستفتاء عليه، تعقد انتخابات مجلس الشعب، ولا حاجة لنا بمجلس الشورى، فإلغاؤه أولى وأفضل، ومن ثم انتخابات رئاسية تشرف عليها هيئة قضائية مستقلة، يتم تشكيلها وفق أحكام الدستور الجديد.
ولذلك كله فإنى قررت التصويت رافضا للتعديلات الدستورية القادمة، وأحترم كثيرا من سيقولون نعم، وأرفض أية اتهام لهم بأنهم يتأمرون أو يتحايلون على الشعب، فزمان التخوين قد ولى، واليوم هو يوم الاختلاف والاحترام مهما تباعدت بنا الأراء فإن حب مصر يجمعنا.
2 التعليقات:
أنا مش من الإخوان والحقيقة بعد ما سمعت المهندس خيرت الشاطر مع الأستاذة منى الشاذلى بصراحة أنا دلوقتى مش خايف منهم وشايف إنهم إسلاميين معتدلين ومش مقلقين زى ما حضرتك والمسلسلات بتقول واحنا كمسلمين مش عندنا عداء لدينا أو مثلا بنعارض فكرة إن ييجى حد يحكمنا بشرع ربنا لكن خايفين آه من حد يستخدم شرع ربنا على هواه أما بالنسبة للحزب الوطنى فماعتقدش إن حد ممكن يشوف كلمة حزب وطنى ويرشحه يبقى مش فاضل غير الإخوان فالصح إننا نستغل الفرصة وبلاش نستفز الإخوان ونخليهم يرجعوا فى رأيهم ويرشحو أكتر من تلت البرلمان وننافس على التلتين ومهما طالت المدة يعنى اللى القوى السياسية الأخرى طلباها مش ممكن هيوصلوا لتنظيم الإخوان لإنهم جماعة تعمل بالمجال السياسى من أيام الملك فاروق وبعدين أنا دخلت على موقع من بتوعهم تقريبا اسمه غخوان أون لاين إكتشفت ان الناس دى منظمة جدا فكدة كدة مافيش مجال للمقارنة دلوقتى بين القوى السياسية اللى حضرتك بتقول متهالكة وبين تنظيم الإخوان وانا فاكر زمان فى المنطقة اللى كنت ساكن فيها كان ليهم حزب اسمه حزب العمل الحزب ده كان ناجح جدا وده فى ظل التضييق عليهم تخيل دلوقتى والمجال مفتوح؟ أنا هقول نعم لأنى بصراحة شايف إن رغم انحياز حضرتك ل لا ومحاولتك إقناعنا الا انك ماقدمتش سبب حقيقى وأرجو إن لما أقول نهم أكون حققت الوحدة الوطنية لأن أصدقائى مسيحيين كتير قالولى ان فى الكنيسة قالولهم يقولو نعم
اتفق معك ان الموضوع محير جدا
ولكن ارى ان الرافضون للتعديلات يهولون المواضيع لاكثر مما تستحق
فلايوجد شئ اسمه فزاعه الاخوان واجندتهم خصوصا انهم سيترشحون بنسبه 35%
ولا يمكن لفلول الوطنى ان تترشح بعدما عرفهم الناس وعزموا على الانتقام منهم
كما انه يمكن التخلص من هذه الحيره بالضغط لاقامه نظام القائمه النسبيه
واختلف ايضا فى موضوع مجلس الحكم المعين هذا وهو ما الضمان فى صلاح الافراد المعينين فى المجلس الرئاسى خصوصا ان معظم الشخصيات تعزف عن الدخول لهذا المجلس لانها تريد ان تدخل انتخابات الرئاسه
وبرده اللجنه التأسيسيه لاقامه دستور جديد كيف يتم الاستفتاء على مئه شخصيه وماذا لو تم تعيينهم جميعا من قبل المجلس العسكرى
اذا كنا لم نتفق على اللجنه التى وضعت التعديل يبقى هنتفق على مئه واحد معينين
انا شايف ان احنا بنبالغ فى حكايه الاخوان وفلول الوطنى دى
وانا هاصوت بنعم ان شاء الله وتقبل تحياتى واختلافى معكم
إرسال تعليق