الخميس، 10 نوفمبر 2011

محمد حسان.. رجل فقَد ظله!

 news25353772 هو محمد إبراهيم إبراهيم حسان, الداعية السلفى الشهير، أو قل هو الإعلامي السلفي الأشهر. تخرج محمد حسان من كلية الإعلام جامعة القاهرة، ثم سافر إلى الأردن والسعودية، وعمل مدرساً للحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود.

ذاع صيت محمد حسان فى نهاية التسعينيات، وبزغت شرائطه الصوتية فى سماء الساحة الإسلامية بصورة ملفتة، وكان فى ذلك التوقيت ذات أفكار سلفية خالصة، تجنح إلى الإغراق فى الجزئيات بعيداً عن القضايا الرئيسية التى تشغل الأمة.

فى ذلك التوقيت كان حسان على مسافة بعيدة من السلطة، ورغم ذلك لم يتعرض لما تعرض له غيره من الدعاة من المنع والطرد من أمثال الدكتور عمر عبد الكافى ووجدى غنيم وغيرهم، ربما كان ذلك مفهوماً ومتقبلاً فى إطار دعوته التى لا تتعارض مع الخط السياسى للنظام الحاكم.

إنما يمكننى القول إن الخط الدعوى لحسان كان متوافقاً مع النظام السياسى القائم، فالإغراق فى الجزئيات، والصراع مع الصوفية حول قضايا الأضرحة والموالد, وتحريم التظاهر، وتجريم الخروج على الحاكم، كان متوافقاً بصورة أو بأخرى مع النظام الأمنى القائم، والذى يشغل الناس بقضايا فرعية تبعدهم عن القضايا الرئيسية التى تضرب بالمجتمع.

مع ظهور القنوات الفضائية، وبعد موجة طويلة من تحريم التلفاز لشيوخ السلفية، ظهرت عدة قنوات فضائية سلفية، بدأت بقناة الناس، والتى كان لحسان دور كبير فيها، ثم انفصل حسان وأسس قناة الرحمة الفضائية، والتى انتهجت لنفسها منهجاً يبعد عن الصدام مع الحكام، ويغرق أكثر فأكثر فى القضايا الفرعية، فمن معركة النقاب إلى معركة مع المفتى إلى معركة أخرى مع شيخ الأزهر، وكلها تنحو منحىً بعيداً جداً عن الأزمات السياسية الطاحنة.

فى إبريل 2008 وبعد تصاعد دعوات الإضراب والعصيان المدنى، تغير المنهج الدعوى لقناة الرحمة، وتدخلت القناة فى السياسة بصورة بدت غريبة فى ذلك التوقيت، إذ انطلقت دعوات تحريم المظاهرات بصورة بدت غير طبيعية، وانهمك الدعاة فى بيان أن البلاء لا يرفع إلا بالدعاء، وأن الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات ليست منهجاً للتغيير فى الإسلام، وكان على رأسهم الداعية الأشهر محمد حسان.

منذ ذلك الحين اقترب حسان شيئاً فشيئاً من النظام الحاكم، حتى غدت قناته هى الذراع السلفى للنظام الحاكم، فإبان حرب غزة 2008 أو ماسمي بعملية الرصاص المصبوب، كان الشيخ حسان يقف على المنبر أمام حشود عظيمة يخطب فيهم عن الحرب الدائرة فى غزة، ربما يتصور بعضنا أن فى ذلك التوقيت قد يصب الشيخ غضبه على حسنى مبارك الطاغية الذى ضرب حصاراً أمنياً على غزة، وساهم فى تجويع القطاع، غير أن الشيخ وقف يهتف بصوت عالٍ وقد احمرت وجنتيه مثنياً على الرئيس المخلوع، ومؤكداً أن الرئيس حينما تدخل قد تغير الموقف تماماً، والحق لم أعرف آنذاك ماوجه التغيير وقد استمرت غزة تُقصف لمدة تربو على العشرين يوماً.

واستمر حسان على ذلك النهج، وازداد يوماً فيوماً التصاقاً بالسلطة، حتى أنى لا أنسى ذلك المشهد، حين دعاه محافظ سوهاج اللواء محسن النعمانى لإلقاء خطبة الجمعة فى سوهاج، وقد أعدوا له أكبر المساجد، وهيئوا له الساحات المجاورة للمسجد، وحضر الخطبة مايربو على الأربعين ألف، وخرج الشيخ حسان فى حماية ضباط الشرطة، والناس تتدافع حوله، والشيخ يبتسم للضباط المحيطين به.

وهنا صار حسان الأيقونة السلفية لنظام حسنى مبارك، بدلاً من الأيقونة الأزهرية الممثلة فى أحمد الطيب الشيخ الوديع الهادئ القادم من لجنة السياسات، واعتمد الجهاز الأمنى لنظام مبارك على محمد حسان فى نشر ثقافة الخضوع للحاكم، والرضا بالاستبداد والفقر.

وفى أثناء الثورة المصرية، لجأ النظام الحاكم إلى أيقونته السلفية المحببة، فخرج حسان على قنوات فضائية كتيرة، يحذر الناس من الفتنة، ويدعو الشباب للتعقل، غير أن موجة المد الثوري كانت فى مِدها، وانحسر حسان فى خانة شيخ السلطة، فوازن بين خطابه قليلاً حتى سقط النظام، وسقط معه أيقونته.

غير أن حسان أبى أن يسقط مع النظام، فالتحم بالنظام الجديد، وفى ذات المشهد الذى حدث فى سوهاج، وقف حسان بجوار لواء عسكرى فى أطفيح يخطب الناس عن الوحدة الوطنية بعد حادثة هدم الكنيسة هناك، وبينما كان ضباط أمن الدولة يحرسون حسان فى المرة الأولى، استبدل حسان هؤلاء بالشرطة العسكرية، الذى خرج أيضاً فى حمايتهم والناس يتدافعون من حوله.

المقال القادم

محمد حسان.. سلطان العلماء!


Share/Bookmark

4 التعليقات:

اخبار مصرية يقول...

مقال رائع

أخبار - أهرام يقول...

محمد حسان.. رجل فقَد ظله!

غير معرف يقول...

كانت له عندنا في القلوب مكانه ماوصل اليها الا بالدين فمن اجل ديننا احببناه ومن اجل ديننا ايضا كرهناه وعاديناه وقد أقمت له في قلبي محرقة منذ أن والي الطواغيت وكسر حاجز الولاء والبراء وباع دينه بعرض من الدنيا ولكن اخيرا اسال الله ان يرده الي الحق مردا طيبا --فتي قريش

غير معرف يقول...

احسن الله اليك

محمد حسان لم يفقد ظله


فحسب

بل فقد دينه

إرسال تعليق