" لماذا اغتلت فرج فودة ؟
لأنه كافر
ومن أي كتبه عرفت أنه كافر؟
القاتل: أنا لم أقرأ كتبه.
كيف؟
القاتل: أنا لا أقرأ ولا أكتب"
هى مأساة قديمة جديدة في التاريخ الإسلامي، مأساة اغتيال الفكر والكلمة، مأساة ذبح العقل بسكين التدين، مأساة قتل التجديد برصاص الجهل والظلام، هى مأساة الحلاج، والجعد بن درهم، ومئات غيرهم اغتالتهم يد الأثم وهى تتمتم باسم الإله.
هى مأساة القطيع يركض خلف رجال يحتكرون الله، مأساة العقل الغائب، مأساة بيع الجنة بدماء المفكرين، مأساة رجال يتاجرون بكل شئ حتى الله.
إنها مأساة تتكرر على مر تاريخ المسلمين، رجال هم ظل الله على الأرض يطلقون رصاص الفتوى لاغتيال مفكر شرد عن فكر القطيع، وقطيع يركض خلف أبناء الله دون وعي ليفوزوا بالجنة عابرين على دماء الفكر والعقل، إنهم القطيع الذي اغتال الحلاج قبل أن يغتاله الحاكم: صَفُّونا .. صفّاً .. صفّاً
الأجهرُ صوتاً والأطول وضعوه فى الصَّفِّ الأول
ذو الصوت الخافت والمتوانى وضعوه فى الصف الثانى
أعطوا كُلاً منا ديناراً من ذهب قانى برَّاقا لم تلمسه كفٌ من قبل
قالوا : صيحوا .. زنديقٌ كافر
صحنا : زنديقٌ .. كافر
قالوا : صيحوا ، فليُقتل أنَّا نحمل دمه فى رقبتنا
فليُقتل أنا نحمل دمه فى رقبتنا
قالوا : امضو فمضينا (1)
إنهم القطيع الذي يصفق دوماً للظلام، يفرح بغياب النور، يهتز طرباً لحلول ظلام الجهل، ورفع ضياء العقل، فالعقل موجع لمن يفكر، أما الجهل ففيه الدعة والراحة.
لم يكن فرج فودة من هؤلاء الذين يركنون للدعة والراحة، بل كان مقاتلاً عنيداً، يمسك بضياء العلم في يديه، ويلوح بسيف العقل والقلم في وجه جيوش الظلام والجهل.
جاهر فرج فودة بما كان يهمس به المثقفون سراً، كتب عن وهم الخلافة، وعن الإرهاب الديني، وعن الاحتيال والنصب باسم الدين والإله، دخل إلى عش الدبابير الإسلاموية، دون اكتراث بالنتائج، تخلى عنه الكثيرون مثلما تخلوا بعد ذاك عن نصر حامد أبو زيد.
أهو قدر أن يخوض بعض الرجال المعارك لينكشف لهم معادن الأخرين ؟
تحمل فرج فودة طوال طريقه لمجاهدة الظلام الكثير من الطعنات، ليس هيناً أبداً أن تعلن جيوش الظلام حروباً ضدك في بلد يقال أنه متدين بطبيعته.
يقول فرج فودة في مقدمة كتابه (نكون أو لانكون): (إلى زملاء ولدي الصغير أحمد، الذين رفضوا حضور عيد ميلاده تصديقاً لمقولة آبائهم عنى.. إليهم حين يكبرون، ويقرأون ويدركون أنى دافعت عنهم وعن مستقبلهم، وأن ما فعلوه كان أقسى على من رصاص جيل آبائهم).
لم يكن الصمود سهلاً ولا يسيراً في معركة الظلام والنور، كانت السهام تتوالي دفعات دفعات، ولم يكن فرج فودة يحمل في يده سوى قلم يرد عنه السهام.
كانت الأمواج عاتية، لكن المقاتل كان عنيداً، كان يهوى السباحة ضد التيار رغم ما تسببه من الآلام وأوجاع، لم يكن يسيراً أن تجد نفسك وحيداً في معركة تاريخية، لكن الأصعب أن تضطر إلى الدخول بعائلتك إلى تلك المعركة.
واجه فرج فودة الكثير والكثير لكي يحمى مصر من العناكب التى تبني بيوتاً من ظلام، وكانت حروباً ضروساً، وكان وحيداً يحمل قلماً وعقلاً، ورغم ذلك لم يقدروا على اسكاته إلا برصاصات غادرة أعلنت فيها جيوش الظلام انتصارها، لكن الحق أن فرج فودة أعلن انتصاره حين استقبل صدره رصاصات الجهل، وأثبت أن معركته مع الجهل والظلام كان يقف فيها في صف الحق، في صف العمل والعقل والحرية والعلم، لا في صف الجلباب واللحية والرصاص والخنجر.
انتصر فرج فودة لأنه أثبت أن الاختلاف بين الإسلامويين ليس في النوع وإنما في الدرجة كما يقول الدكتور نصر حامد أبو زيد.
فليرقد مفكرنا هانئاً بانتصاره، ولنواصل نحن حرباً ضد عناكب الظلام.
2 التعليقات:
ممكن تبطل غباء وتكنب اكتر مش لازم اقعد بالاسابيع عشان اقرالك حاجه
سلمت يداك . تأثرت جدا بهذه المقاله الرائعة وللاسف ماحصل لفرج فودة يحصل الى الان ولكن بأساليب مختلفة .
إرسال تعليق