قال الطبيب: لاشئ في قلبك سوى الكون.
قلت: أوكلما التقى عاشقان يوجعني قلبي.
قال: بل كلما افترق عاشقان اهتز قلبك.
على درب الحب بين امرأتين أسيرُ مضطرباً، محمل بثقل هواجس اللقا والافتراق. بين نقطة وداع ليست بعيدة ولحظة قربُ ليست قريبة، أركض داخلي لأحس هشاشتي، أستشعر ضعفي نحو إمرأة فارقتها وامرأة أتقرب إليها.
سأركض وحيداً بعيداً عني لأرغم القدر على أن يسير معي على حافة الحب، وأظل أصارع القدر بكل شظايا قلبي لأملك طريق الصعود إلى قلب امرأة ربما لا أعجبها.
بينهما تشابه كبير إلى حد لا معقول، لكل واحدة غمازتين يرقد عليهما ملاك يحسب ضحاياهما، كنت ضحية إحداهما، واليوم أشرد خلف واحدة أخرى، أهو تعلق بالغمازتين أم رغبة فى الانتحار على شفتي امرأة؟
مفتون قلبي بابتسامة المرأة خاصة تلك التى تملك غمازتين ينزوى الكون خجلاً منهما، أفتش فى وجوه النساء المبتسمة لعلي أجد بينهما ابتسامة مَنْ فارقتها، فتشردني ابتسامة مَنْ أتودد إليها فاتنة تخطف قلبي كلما تبسمت، ترهقني كلما حدقتُ في شمس وجهها.
هل أبحث عن امرأة فى أخرى ؟
قالت وهى طيف القمر فى امرأة:
لا تبحث عن حبيبتك فى امرأة أخرى.
قلتُ: مؤمن أنا بحبيبتي لا أشرك بها أخرى.
قالت: لعلك قاتل نفسك على أثارها.
قلتُ: سأقتل نفسى فى أخرى لأنساها.
قالت: بل ستحب أخرى لتنسى لسعة الحب القديم.
كانت تتنبأ بشئ ما راقد فى صحائف الغيب، تحس المرأة بالغيب كما الآلهة، ربما لأنهن خلقن من نور سماوي، أو لأن حواء الأم أخرجتها المعرفة وحبها من الفردوس السماوي.
أعود إلى بدء حيرتي، كيف أهرب من طريق حب امرأة لأسلك طريقاً أخر إلى حب أخرى؟ كيف أغزو قلب امرأة لا أعرف ماضيها؟ كيف أثقل قلبي بأثقال حب جديد وهو مازال ينزف حباً قديماً؟
أحاول أن أدرب قلبي على الحب خفية، ألا أوجعه بغمازة امرأة لا تعرف ضحاياها، إلا أنه يصر على المضى قدماً إلى الموت حباً.
أتوق إلى ذراع امرأة أحط عليه رأسى وألقى عليها هواجسي وظنوني، أتوق إلى لمسة من يدها تعيد إلي إيماني، أتوق إلى شفتي امرأة تبعث في ما مات مني، أشتاق إلى عيني امرأة تذبحني لأصرخ فيها: أحبك.
الحلم ليس جناية إلا فى بلاد العرب، فماذا يضير الناس لو مسست يدها، وقبْلت غمازتيها، وقلت: أحبك أكثر وأكثر.
الحب كالموت كلاهما يباغتنا عند حافة السكون، نحب حين تموت أرواحنا لتحيا أرواح مَنْ نحب، ونموت مرة أخرى ليحيا أحباء أخرون عما قليل سيعشقون ريثما تنتهى حبيبتي من جنازتي.
الحب أمرُ جنوني، أن تخرج من ذاتك إلى ذات أخرى لتسيرا معاً وحيدين فى صخب الكون، أن تؤمن بامرأة واحدة لاتشرك بها شيئاً، أن تغفر لها ولا تغفر لك، أن تحبها وتحب كلماتك، وربما لا تحب كلماتك، بل تحب أن تنسى فيك رجلاً أخر.
لا أريد أن أنزل من صليب امراة، لأعلق على صليب أخرى، فلست مسيح الحب، ولست مبشراً قلبي بموت جديد، خفيفاً سأمشى إلى مثواي بلا تدابير مرهقة للملائكة.
5 التعليقات:
Another good piece from talented young writer
أشكرك يا صديقي
Dazzling! Very good piece ya Aboulazm! Bravo!
شكراً ياصديقتي الجميلة :)
وده من أرقى معانى المشاعر:
"الحب كالموت كلاهما يباغتنا عند حافة السكون، نحب حين تموت أرواحنا لتحيا أرواح مَنْ نحب، ونموت مرة أخرى ليحيا أحباء أخرون عما قليل سيعشقون ريثما تنتهى حبيبتي من جنازتي"
إرسال تعليق