ماذا لو استدعتنا القيادة المصرية للحرب ضد أثيوبيا.. هكذا بكل بساطة طرح صديقي سؤاله علي .
أصابني السؤال بحالة من الذهول، فأنا من مواليد الفترة الرئاسية الثانية للرئيس مبارك، بما يعنى أني تحت طائلة الإستدعاء للجيش في أي وقت، مما يعنى أنه إذا قرر مبارك إعلان الحرب على أثيوبيا لتأمين منابع النيل، فسأكون ضمن هؤلاء الذين يمشون في غابات أفريقيا، لقتل مواطنين لا شيء بيني وبينهم إلا فشل قيادتي السياسية في الحفاظ على العلاقات داخل إفريقيا .
بداية وقبل الإسترسال في قصة الحرب المزعومة، علينا أن ندرك جيداً السبب الرئيس وراء تلك الأزمة الأخيرة التي حدثت في شرم الشيخ، والمزمع تفاقمها في الأوقات القريبة القادمة .
منذ توقيع إتفاقية كامب ديفيد، واختيار الرئيس السادات سياسة الإنكفاء على الذات، بدأ الدور المصري في التراجع، بداية من خروجه من حظيرة العرب، ثم الميل نحو أمريكا، ووضع أوراق اللعبة في يد أمريكا، والإنصياع الكامل لرغبات الكيان الصهيوني .
ربما كانت مناورة سياسية من السادات لحين النهوض بالدولة المصرية، إذ أن الدولة آنذاك كانت منهكة من الحروب المتتابعة، هذه وجهة نظر يطرحها بعض المحللين، ووجهة نظر أخرى تقول أن السادات أراد أن يصنع من نفسه بطلاً عالمياً، ربما، لكن على كل حال علينا أن ننظّر ونحلل فيما بعد السادات .
فالسادات لم يستمر طويلاً بعد توقيع كامب ديفيد في الحكم، ولكن تداعيات كامب ديفيد ظهرت في عصر مبارك، لاسيما وقد حافظ عليها مبارك بشدة، ودعمها بعدة اتفاقيات وقع عليها، واتفاقات لم يوقع عليها - اتفاقية المعابر بين سلطة عباس والكيان الصهيوني - مما أمعن في تفاقم الوضع المصري العربي، وإن كان إنصلح في ظاهره، ولكن باطنه لازال كما هو، وأزمة الجزائر الأخيرة شاهد عيان على أن العرب لم ينسوا لمصر خطيئة كامب ديفيد .
مبارك بطبيعته لايميل إلى المخاطرة، ويميل إلى الركود والجمود، وسياسته في التعامل مع العديد من الملفات تؤكد ذلك، لاسيما الملفات الشائكة: ملف الطائفية في مصر، ملف الإخوان المسلمين . فسياسات مبارك تجاه تلك الملفات هي في الحقيقة اجترار لمواقف سابقيه من الرؤساء، لم يبتدع لها مبارك حلولاً جديدة : المعانقات بين الشيوخ والقساوسة من أيام السادات! ، والإعتقال والتنكيل والإقصاء تجاه قيادات الإخوان من روافد عهد عبد الناصر .
إذن نحن أمام جمود في السياسات بهدف الحفاظ على حالة الركود التي تعيشها مصر منذ سنون طويلة، لذلك لم يكن مدهشاً وغريباً أن تتطلع بعض القوى الإقيلمية والغربية والصهيونية في تبوء مكانة مصر العربية والإفريقية، لاسيما وهي آخذة في التراجع نتيجة للمزيد من الإنكفاء نحو الداخل، والإذعان لأمريكا والكيان الصهيوني .
نعود لقصة صديقي صاحب فكرة المشاركة في حرب المياه، سألني صديقي ماالعمل ؟ هل سنذهب لنحارب في غابات إفريقيا ؟ هل سنحمل السلاح ضد الفقراء في إثيوبيا نتيجة فشل النظام في احتواء تلك الدول ؟ هل ستشعر وأنت داخل تلك الغابات أنك تدافع عن وطنك بالفعل ؟ أم أنك ستشعر أنك تحاول إنقاذ مايمكن إنقاذه بعد فشل سياسات الرئيس ؟
لم أنبس بكلمة واحدة جواباً على صديقي، قد يكون ذهولاً، صدمة، لا أدرى.. المهم أني استغرقت في صمت، تخلله تفكير في مسألة الحرب، ولاح لي سؤالاً خطيراً .. ماذا لو حاربت مصر بالفعل؟ هل ستساعدنا الدول العربية ؟ هل ستقف إلى جوارنا الدول التي تطرد المصريين المعارضين للنظام ؟ هل ستقف أمريكا حليفة النظام معنا ؟ هل ستساعد إسرائيل النظام الذي يهنئها بعيد استقلالها ؟
1 التعليقات:
ala akbar
إرسال تعليق