بقلم / محمد أبو العزم
كثيرة هي الخرافات التي نحيا عليها منذ ثلاثين عاماً، فمن خرافة الديمقراطية إلى خرافة النزاهة والشفافية إلى خرافة تحسن الأوضاع الإقتصادية وارتفاع معدلات النمو. لكن الخرافة الأكثر والأشد جنوناً خرافة البنية التحتية التي جعلها النظام مقياساً للنجاح والإنجاز. وقد أشرت في مقالٍ سابق أن الرئيس حين أراد التدليل على نجاح نظامه في إدارة التعليم استخدم مقياس البنية التحتية لإثبات نجاحه، كان ذلك في خطابه الذي ألقاه في عيد العلم.
وبرغم مايزعمه النظام والرئيس من تحسن أوضاع البنى التحتية في مصر إلا أن الواقع يثبت غير ذلك ، نعم ليس جديداً على النظام أن يغير الواقع زعماً ويزوره للإمعان في تغييب الشعب، وكأن هذا الشعب لايسير في الطرقات ولا يذهب للمستشفيات ولا يبعث أبنائه للتعليم في المدارس .
فمع هطول الأمطار لبضع ساعات تتوقف الطرقات وتتعطل الإتصالات، وتنقطع الكهرباء، وتصاب الحياة في مصر بشلل مؤقت. وهذا يستدعى سؤالاً يبدو في نظري خطيراً للغاية، مادور النظام في ثلاثين عام مضى وهو جاثم على صدورنا يدعى الإنجازات والنجاحات ويصور لنا مصر كدولة بنية تحتية فقط ؟
أين كان النظام المصري طيلة ثلاثين عاماً.. هل كان النظام مشغولاً بتأمين زيارات الرئيس لافتتاح بعض المصانع التي مالبثت أن خصخصت في تسعينيات القرن المنصرم ! .. أم كان النظام مشغولاً بتأهيل الوريث كي يقدم في القرن الحادي والعشرين كمخلص المصريين من خطايا نظام والده!
لايمكن طرح إجابة يقبلها العقل والمنطق إزاء الجرائم والخطايا التي ارتكبها هذا النظام في حق المصريين ، ذلك أن أي إجابة محتملة ستحمل في ثناياها إتهام لهذا النظام بإزهاق روح مصر، وشل الإرادة المصرية.
وفي ظل غياب أي إنجاز لهذا النظام على مدار ثلاثين عام، فلا هو نجح في إدارة الموارد البشرية ولا نجح في إرساء قواعد لبنى تحتية تكون بمثابة مشروع قومي لهذا النظام. كذلك لم ينجح النظام في إنعاش الحياة السياسية، بل كابد وعانى لأجل قتل أي حراك سياسي يبدو فاعلاً في الشارع السياسي، ينبغى أن نطرح سؤالاً كيف يبقى هذا النظام في السلطة طيلة هذه المدة، والسؤال الأكثر إلحاحاً أين الشعب المصري من كل ذلك ؟!.. أزعم أن الشعب غيب بفعل فاعل، واستعان هذا النظام ببعض الحكومات الأجيرة لقتل هذا الشعب معنوياً وصحياً، لكي يخبو صوت المعارضة ولا تجد من يدعمها على الأرض.
في ظل نظام مستبد يفتقر إلى إنجاز حقيقي ، يبنغى على هذا الشعب الالتفاف حول نداءات التغيير، لأن الأمل لم يعد في التغيير من داخل أروقة النظام، الذي طال الفساد الكثير من رموزه. لكن التغيير الحقيقي سيأتي من إرادة هذا الشعب. فإذا أراد الشعب المصري التخلص من المحتل الداخلي وإرساء قواعد الديمقراطية، فذلك سيكون المنفذ الأخير للخروج من النفق المظلم الذي نعيش فيه منذ ثلاثين عاماً .
m_aboulazm@yahoo.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق