يزعم الحزب الوطني أنه حزب ديمقراطي، ويحكم في بلد ديمقراطي، ورغم أن الشعب لايحب الحزب ولايحب قياداته إلا أن الحزب مستمر في السلطة منذ أنشأ حتى الآن. ذلك أن الديمقراطية التي يزعمها الحزب الوطني هي الديمقراطية التي لا تأتى إلا به شأنه شأن الأنظمة المستبدة التي ترتع في العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه .
إن الأنظمة المستبدة على اختلاف مشاربها وتوجهاتها وأيدلوجياتها تتفق جميعها على أن الشعب التي تحكمه شعب قاصر. فإذا كان الحاكم علماني التوجه فهو يرى الديمقراطية من وجهة نظره هي بقاء العلمانية في الحكم وبالقطع متمثلة في شخصه خوفاً من القوى الإسلامية الظلامية كما يرى، أما إذا كان الحاكم أمير المؤمنين وملك الملوك فهو يقصى العلمانيين لأنهم وباء على عقول شعبه، ويقصى الإسلاميين لأنهم خوارج تكفيريين سيخرجون على الإمام في أقرب فرصة.
إذن نحن أمام ديمقراطية شمولية ذات إتجاه واحد، فالانتخابات في الأنظمة العربية الديمقراطية لاتأتى إلا بالحزب الحاكم!.. هل يذكر أحدكم ذات يوم أجريت إنتخابات في دولة عربية وسقط فيها حزب الحاكم، وجاء حزب معارض ليحكم البلاد، لايمكن أن يحدث ذلك، ولتفسير تلك الظاهرة أزعم أن الأنظمة المستبدة تعتقد أن الشعب قاصر وجاهل ومتخلف ولايرتقى لكي يختار حاكمه يوماً ما .
ورغم أن تلك الأنظمة لاتأتى إلا بالفاسدين لإدارة شئون الدولة، وتقصى العقول اللامعة في بلادها خشية أن تخطف الأضواء منها، ورغم تمكين بعض الجلادين من رقاب الشعب تحت سلطة قانون طوارئ أو أي قانون يسمح لجلاد بإفتراس مواطن، ورغم تزوير الإنتخابات طوال عقود مضت، ورغم الفقر التي تعاني منه البلاد العربية، ورغم الجهل والأمية التي تتفشى في البلاد العربية؛ إلا أن تلك الأنظمة تؤكد وتجزم بأنها الأجدر والأحق بإدارة شئون تلك البلاد.
والسؤال هنا هل يمكن أن نلقى باللوم على الثلة الفاسدة التى تجثم على صدورنا منذ عقود؟ .. الحقيقة لايمكن إلقاء اللوم على تلك الأنظمة، إذ أن أي نظام مستبد فاسد لاهم له غير البقاء في السلطة لايبرحها إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً، أو أن يأتى رجل من داخل هذا النظام ليحاول الإصلاح فيلقى مالقاه السادات من عنت من أذرع النظام السابق، ثم مايبلث أن يتحول هو ذاته إلى يد بطش جديدة تقتل في شعبها .
اللوم الحقيقي يتعين علينا أن نلقى به على الشعب الذي صمت طويلاً راضياً بالذل والهوان دونما مطالبة بحقه في إختيار من يمثله تحت البرلمان، ومن يمثله أمام العالم كله كرئيس لدولته .
كذلك نلقى باللوم على كل من شاركوا بتلك الفضيحة المسماة الديمقراطية.. الأحزاب التي شاركت في إنتخابات تعلم يقين العلم أنها مزورة، على المستقلين الذي خاضوا الإنتخابات المزورة مسبقاً، وعلى كل من شارك أو تفاعل مع أطروحات حزب الحاكم الذي لايرى سوى نفسه، ولا يسمع إلا صوته .
ذلك أن كل من شارك في تلك المهزلة ساهم في تجميل وجه النظام القبيح، وجعل من أكذوبة وأخلوقة الديمقراطية حقيقة على الأقل أمام الشعوب الأخرى التي تتمتع بالديمقراطية الحقيقية . لذلك أنصح الدكتور البرادعي وكل من يشارك في تيار التغيير الذي هب بقدوم البرادعي ألا يشاركوا في تلك المهزلة حتى تتغير الحياة الكرتونية التي يرسمها نظام مبارك، وإلا فسيصبحون أداة يستخدمها الحزب الوطني لتجميل وجهه القبيح أمام العالم .
محمد أبو العزم
0 التعليقات:
إرسال تعليق