السبت، 12 يونيو 2010

مّنْ قتل خالد ؟

31246_1321225278272_1460018059_30741808_7232987_n خرج خالد من بيته متوجهاً إلى الإنترنت كافيه الذي اعتاد الجلوس فيه، وأثناء جلوسه دخل المحل رجلان يتبختران في مشيتيهما كما لو كانا من جند فرعون، وطلبا من الجميع إبراز الهوية بطريقة مهينة، مما أثار حفيظة خالد، فاعترض على طريقتهم المهينة في التعامل معهم، فأخبروه بأن قانون الطوارئ يمنحهم الحق في ذلك .

إلا أن خالد رفض طريقتهم الهجمية في التعامل معه ومع الجالسين في المحل، وعلى إثر ذلك قام أحد المخبرين بتقييده من الخلف لشل حركته، وبدأ الثاني مارثون الضرب لتأديب خالد، ولإيصال رسالة للجميع مفادها أن الخنوع والانبطاح أمام سطوة الداخلية هو الملجأ والمفر .

عندئذ حاول خالد التملص من المخبرين، لكنهما عآجله بضربات متتالية وطرحوه أرضاً، وبدأوا مباراة جديدة من الركل والضرب في جميع أنحاء الجسد، ثم سحبا خالد إلى منزل مجاور لمحل الإنترنت، واستمرا في تعذيبه، مما جعل الشاب الهزيل المثخون في دمائه يدخل في غيبوبة فقد على إثرها وعيه، لكن السادة المخبرين لم يقتنعا، واعتبرا ذلك تمثيلية بطلها الشاب المطروح أرضاً، فأخذه أحدهما وضرب رأسه في ترابيزين سلالم العمارة التي كانا يضربانه بداخلها، أدى ذلك لكسر جمجمة خالد وتهشم رأسه، ويبدو أن تلك الضربة قد أودت بحياته على الفور .

إلا أن السادة الحاكمين بقانون الطوارئ لم يدر بخلدهما أن الشاب قد انقضى أجله على يديهما، فسحلوه في الشارع على مرأى ومسمع من الجميع، وألقوا به في سيارة الشرطة، وتوجها إلى قسم شرطة سيدي جابر .

وبعد ربع ساعة فوجئ المارة الذين كانوا يتهامسون حول الحادثة، ويتخيلون مامصير ذلك الشاب الذي اهدرت كرامته، بسيارة الشرطة تدخل الشارع وتلقى بجثة خالد، ثم قام أحد المخبرين بالاتصال بالاسعاف، إبراءً لذمتهما أمام القانون .

هذه ليست قصة قصيرة كتبها مؤلف ذو خيال واسع، ولا سينارسيت دموي ذهبت رأسه بعيداً حيث الهمجية والتجرد من الإنسانية، بل هي حادثة وقعت لشاب مصري في الإسكندرية على يدي اثنين من المجرمين تجردا من كل معانى الإنسانية، ولم يتذكرا سوى السلطة المطلقة التي أطلقها قانون الطوارئ في أيدى وزارة الداخلية للعبث بمقدرات الناس .

بالطبع ستهيج الصحف ووسائل الإعلام، وسيصبح خالد بطلاً شعبياً على الفيس بوك وتويتر والمدونات، لكن من سيأخذ بثأر خالد، من سيرد لهذا القتيل كرامته، من سيحاكم القتلة الذين انتهكوا آدميته في الشوارع حتى لفظ أنفاسه الأخيرة .

تستدعى ذاكرتي الأن كلمات الرئيس أمام أعضاء مجلس الشعب في أعقاب فضيحة مباراة مصر والجزائر إذ قال: إن كرامة المصريين من كرامة مصر، ومصر لن تقبل المساس بكرامة أبنائها .. ولكن يبدو أن تلك الكلمات انضمت إلى سابقتها من الشعارات البراقة التي يطلقها الرئيس في الفضاء ولا نجد لها أثراً على أرض مصر، التي أهدرت كرامة أبنائها .

ثمة سؤالين يتعين طرحهم الأن :

الأول: هل كان خالد إرهابياً أم تاجراً للمخدرات ؟

الثاني: من قتل خالد؟ هل قتلته أيدى المخبرين أم قتلته أيدى من أعطى هذين الوحشين السلطات المطلقة التي جعلتهم يعبثون بأرواح الناس ؟

محمد أبو العزم

12/6/2010


Share/Bookmark

0 التعليقات:

إرسال تعليق