الأحد، 18 ديسمبر 2011

ميلشيات طنطاوى تسحل فتاة وتجردها من ثيابها


Share/Bookmark

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

كن مؤمنا، واصمت!

اكتب، والهُ، والعب، ولكن لاتتكلم.

لاتتكلم لأن الأرض تبكى حين تتساقط حبات العنب من أشجار الصمت.

لا تتكلم لأن الله يغضب منك، كن طيباً واصمت لكى لايغضب الرب.

لا تتكلم لأن النساء العرايا فى ساحات الكنائس يبكين دماء العصافير.

لاتتكلم لأن الرجال فى المرايا يبكون شوارب قد حفتها أقدام الهوى.

لا تتكلم لأن العدم يضحك حين تكظم كلمات الحق فى كؤوس الباطل.

لاتتكلم لأن فتاة فلسطينية تضحك حين تسقط دموعها على خد شهيدها.

لاتتكلم لأن أمه كانت تغنى حين عانق سيف الحاكم رقبة عصفورها.

لاتتكلم لأن امرأتك فتنة، وعقلك ضلال، وجسدك حرام، كن مؤمنا واصمت.


Share/Bookmark

الخميس، 17 نوفمبر 2011

امرأة متزوجة ..!

75N4b-wpVN_714714811 فى ساحة الجامعة وقفت تحدق فى ملامحه، كانت فتاة بقلب طفلةٍ وعقل امرأة، بيضاء، شفيفة كبلورة تشع نورها كلما مسها نور الشمس..

حين تضحك تتكسر كل معانى الحياء على شفتيها، تنطلق كغزالة شردت عن أهلها، فلا يضبطها من حولها إلا متلبسة بجريمة ضحكتها..

عيناها تحملان معنى الأنوثة، وجنون الطفولة، كانت توزع نظراتها بين الناس وكأنها تنثر سعادتها على الجميع، رغم الألم الذى يضرب قلبها..

وحيدة كانت، قلبها مملوء بالحنين إلى شئ ما لاتعرفه، عيناها تفتشان عن نظرات عاشق لها، يدها تتجسس يد حبيب فى عالم الغيب كائن..

كان بالنسبة لها كالماء الذى يروى عطش الحب، حين رأته للمرة الأولى خطفها بعيداً، وانزوى فى ركن بعيد وطبع على شفتيها قُبلة، سرعان ما أفاقت منها على صوت صديقتها..

كان جميلاً، قوياً، طويلاً تعلوه أبهة الكبار، وجنون الصغار، كلما ضحك تفحت زهور الحياة، وراحت هى فى عالمه الأثير..

تعرفت إليه، وتقربت إليه، كلما تقرب إليها شبراً تقربت إليه ذراعاً..

صار الشوق إليه يأكلها كل يومٍ، خشيت أن تصارحه بشئ فى باطنها يكبر يوماً فيوم، خافت أن تفصح عن سر يكمن فى قلبها، ويطفو على شاطئ عينيها كل يوم..

كانت مصارحته بحبها شئ فوق احتمالها، وكان صمتها شئ فوق احتمال الإنسانية كلها.. غير أنها قررت أن تصارحه، وترمى بنفسها فى بحر عينيه غير عابئة بأمواجها ..

كضحكة طفلة توردت وجنتيها من هواء الحب قالت: أحبك ..

كملك عظيم يقف ممسكاً بسيف الحب تبسم، وقال: وأنا أحبك ..

منحته كل أنوثتها، كل حبها، كل عقلها، كل حبها، تنازلت كثيراً عن أشياءٍ كانت مقدسة، وإنما لأجله صارت غير مقدسة، كل شئ يهون أمام لمسة من يديه، أو كلمة حب تسمعها من شفتيه عبر أثير الهاتف بعد منتصف الليل ..

عاشت أيامٍ كأيام حواء مع آدم فى جنة لا أحد سواهما فيها، وأحست بدفئ الحب، وسكون الحياة من حولها إلا من حبيبٍ يشعل قلبها..

مرت الأيام سريعاً، وأنهيا الجامعة، كان لابد بعد قصة حبٍ يحلم بها كل العاشقين أن يبحثا عن سبيلٍ للزواج، غير أن حبيبها كان بعيداً عنها، كانت هى فى سماء البرجوازية، وكان هو يحلق ويتعثر فى الطبقة الوسطى.

مثلما منحته كل شئ، وقفت إلى جواره، حاربت من أجله، وقفت فى وجه كل الدنيا، حتى أهلها، حاربتهم لأجله، وكان هو لايملك الكثير لأجلها، احتالت على أهلها وأعطته من أموالها كى يشترى لها مايطلبه أهلها.

كانت نظرة من عينيه كفيلة بأن تنسى كل ألالام الدنيا..

وفى يوم حفت فيه الملائكة عرش عروسنا، جلست إلى جواره، يداهما تتعانقان، عيناهما لاتكف عن حمل الرسائل بينهما، ينظر إليهما الجميع بشغف وغبطة، كيف فاز بها؟ وكيف منحته هذا الجمال الملائكى.. هنئياً لك ياحبيبها..

كان أول الزواج جميلاً، عذباً، منحها كل ماتريده امرأة من رجل، غاصت فى باطنه، وانصهر فى مكمنها، وغدت أرواحهما وأجسادهما جسداً واحداً.. وكأنما كان يخلعان نفسيهما على سريرهما ليصبحا نفساً واحدة.

وبعد شهور حمل جوفها أمارات السعادة والحب..

خلقت له طفلة كأجمل ماتكون، وكأن الله قد ترك لها رسم تفاصيل ابنتها، وكأن القدر قد غفل عن طفلتها فتركها لها تختارها كيف شاءت..

أضاءت طفلتهما حياتهما، وأنارت لهما طريق الحب، غير أن حبيبها كان اختار طريقاً آخر، سار فيه وحيداً، وتركها مع طفلتها ترقب عودته..

خطفته الدنيا من بين أحضانها، وتوارى حبه يوماً فيوماً، وتلاشت نظراته شيئاً فشيئاً، كوردة جميلة تجرح حائط قلبها غاب عنها حبيبه..

كان حاضراً ولكنه حضور كالغياب.. اشتاقت إليه كاشتياق أمٍ لرضيع فى حجٍرها..

أنجبت ابنتها الثانية، وزداد النور فى قلبها، وازداد البُعد فى قلبه، غاص فى غيابه، كان جسداً حاضرة، وروح غائبة..

كانت تنام لتحلم بحبيبها، وجسده يلاصق جسدها، لكن أراوحهما بعيدة، روحها فى روحه، وروحه التصقت الدنيا..

أحبها حقا، وأحبته حقا، لكنهما تزوجا ..


Share/Bookmark

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

محمد حسان.. سلطان العلماء!

113932544 بين دمشق والقاهرة عاش سلطان العلماء، العز بن عبد السلام، وكان رجلاً فقيهاً عالماً، شهد له القاصى والدانى بعلمه وخلقه، حينما كان فى دمشق إبان ولاية الصالح إسماعيل الأيوبى، عقد الصالح الأيوبى اتفاقاً مع الصليبين أن يعطى لهم مدينتي صيدا والشقيف، وأن يسمح لهم بشراء السلاح من دمشق، مقابل أن يعينوه فى حربه ضد أخيه نجم الدين أيوب حاكم مصر.

عندما علم العز بن عبد السلام بهذا الاتفاق خرج على منبره، وأنكر على الحاكم هذا الاتفاق، وقال إن الصالح إسماعيل لايملك بلاد الإسلام لكى يتنازل عنها للصليبين، وأفتى على منبره بعدم جواز بيع السلاح للصليبين، لأنهم سيقتلون بها المسلمين.

وذاعت كلمات العز بن عبد السلام أرجاء دمشق، وتنامت إلى سمع الصالح الأيوبى، فما كان منه إلا أن قضى بعزله من منصبه فى القضاء، ثم منعه من الخطابة، ثم ضاق به فأمر باعتقاله وحبسه.

بين المنصورة والقاهرة عاش الشيخ محمد حسان، الداعية السلفى الأشهر فى مصر، وشهد له القاصى والدانى بحلاوة لسانه، وحسن بيانه، حتى ملك قلوب الناس، وصار له من المريدين الألاف، وصار له من المقدسين الألاف، حتى غدا نقد الشيخ هو نقد للإسلام ذاته.

فى عام 2008 دعت الحركة العمالية فى مدينة المحلة الكبرى لإضراب عام فى مصر احتجاجا على سياسات حسنى مبارك، ذلك الطاغية الذى أفسد مصر والمصريين، وشاعت الدعوة فى البلاد، ووقف الناس يترقبون موقف الدعاة والمشايخ من تلك الدعوات.

فما كان من الشيخ محمد حسان إلا أنه خرج على منبره وقال: إن الفقر والغلاء والبلاء لن يرفع بالإضرابات والمظاهرات والاعتصامات، ولكن سيرفع بقرب الناس من الله، وبالدعاء، وتجاهل الشيخ تماماً أن سبب الفقر والجهل والغلاء وبُعد الناس عن الدين هو الاستبداد الذى يضرب البلاد.

جاء العز بن عبد السلام إلى القاهرة، القلب العربى الثائر، وكان الصالح أيوب فى سُدة الحكم وقتئذ، وهو ذات الرجل الذى اصطدم مع الصالح إسماعيل بسببه، فقد تبين له بعدما استقر فى القاهرة أن الولايات العامة والمناصب الكبرى كلها فى أيدى المماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك، حتى أن منصب نائب السلطان ذاته كان يشغله مملوكي، وهم فى هذه الحالة يدخلون فى طائفة العبيد الذين لا ولاية لهم على الأحرار، فأفتى الشيخ بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد، وضرب الخبر أرجاء البلاد، فاشتعلت نار الأمراء المملوكيين الذين يشغلون المناصب والولايات، وأرسلوا الرسل للعز محاولين إقناعه بالتخلى عن فتاواه، فلم يتراجع العز، بل بقى مُصراً على فتاواه، فلجأوا إلى التهديد، غير أن سلطان العلماء لم تهتز له شعرة من تهديدات الأمراء المملوكيين وأصر على رأيه.

وبعدما تفاقم الأمر، وبات من المحال رجوع العز عن رأيه، رُفع الأمر للصالح أيوب، فتعجب من رأي الشيخ، ورفض فتوى الشيخ، وهنا أحس العز بن عبد السلام أن رأيه لايسمع له، وأن منصبه كقاضى يحتم عليه أن يصدع بالحق، فاستقال من منصبه، وأعلن رحيله عن مصر، فخرج الألاف من العلماء والتجار والنساء والرجال خلف الشيخ يؤيدون رأيه وينكرون على مخالفيه، ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب، فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فقال له العزُّ: إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلا بد أن يباعوا أولاً، ثم يعتقهم الذي يشتريهم، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين، فلا بد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين. ووافق الملك الصالح أيوب، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يُعرف بـ(بائع الأمراء).

بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وموقف الشيخ محمد حسان المتخاذل من الثورة، حيث فتح بوقه الإعلامي المسمى بقناة الرحمة لمشايخ السلطان يتهمون الشباب بالهوج، ويحرمون التظاهر، ويرهبون الناس من فتنة توشك أن تأكل البلاد والعباد، استطاع الشيخ حسان بقدرته على "التكيف" مع الأحوال الجديدة أن يبدل خطابه من حماية ولى الأمر فى قصر عابدين إلى ولاة الأمور فى وزارة الدفاع.

وقف الشيخ حسان على جبل عرفات فى الحج يخطب المصريين قائلاً: ( فتنة كسر الجيش، الجيش الذى ماخان، وأنا أقولها على عرفات، أقولها لله، لو وقع جيشنا فى الخيانة لكانت مصر برك دماء وأكوام أشلاء، فلماذا يريد هؤلاء أن يخونوا الجيش، وأن يتهموا الجيش بالخيانة، لتتحول بلدنا إلى فوضى لا يعلم خطرها إلا الله، والله والله لو كسر الجيش كما كسروا الشرطة لن يأمن أحدنا على نفسه فى حجرة نومه، لا تسمحوا لأحد أن يحطم الجيش وأن يكسر الجيش، فلننصح المجلس العسكرى، فلننصح بأدب، فلننصح بحكمة، كسروا الشرطة فما الذى جنته البلد؟ ).

المدهش هنا فى كلام الشيخ حسان أنه زعم أن ثمة أناس يريدون كسر الجيش، وكنت أتمنى أن يفصح الشيخ حسان عن هؤلاء الناس طالما يصدع بالحق فوق جبل عرفات غير خاشياً أحد سوى الله، لكن الشيخ حسان لقلة علمه بأمور السياسة يختلط عليه الأمر بين معارضة المجلس العسكري وكسر الجيش، المجلس العسكري هو الحاكم الأن، ومن حق كل الناس أن تعلن بوضوح سخطها على سياسات المجلس العسكرى، وتطالب بوضوح برحيله عن الحكم، وهذا ليس كسراً للجيش، لأن مؤسسة الجيش ليست هى المجلس العسكرى. غير أنه وللأسف مثلما كان بعض الجهلة أن نقد مبارك نقد لمصر، فإن الشيخ يرى نقد المجلس دعوة لكسر الجيش.

والسؤال الذى يتعين أن نوجهه للشيخ الصادع بالحق فوق عرفات، لماذا ياشيخ لم تنصح المجلس العسكرى بأدب وحكمة أن يوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين؟ لماذا ياشيخ لم تنصح المجلس بالتوقف عن اغتصاب الفتيات بالكشف عن عذريتهم؟ لماذا ياشيخ لاتنصح المجلس بالتوقف عن تعذيب المدنيين؟ لماذا ياشيخ لاتنصح المجلس بالتوقف عن دهس المتظاهرين السلميين؟ لماذا ياشيخ لا تنصح المجلس بأن يفى بوعده بتسليم السلطة خلال ستة أشهر للمدنيين؟ أليس هذا نكوثاً لوعد قد قطعه المجلس على نفسه؟ لماذا ياشيخ؟ لماذا ياشيخ .... ؟

هناك المئات من القضايا التى يمكن أن تصدع فيها بالحق ياشيخ وأنت هنا فى القاهرة، ولاتحتاج أن تسافر للحج كى تدعو الناس لها.

وخلاصة القول أنه بين موقف حسان الذى يخشى كسر الجيش لمجرد أننا نعارض سياسته، ونرفض ظلمه للثوار، وبين موقف العز بن عبد السلام الذى قضى ببيع الأمراء المملوكيين ولم يعبأ بتفكك الدولة، ولا بتهدم أركانها ببيع هؤلاء، مسافة كبيرة تسمى الإخلاص.


Share/Bookmark

الخميس، 10 نوفمبر 2011

محمد حسان.. رجل فقَد ظله!

 news25353772 هو محمد إبراهيم إبراهيم حسان, الداعية السلفى الشهير، أو قل هو الإعلامي السلفي الأشهر. تخرج محمد حسان من كلية الإعلام جامعة القاهرة، ثم سافر إلى الأردن والسعودية، وعمل مدرساً للحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود.

ذاع صيت محمد حسان فى نهاية التسعينيات، وبزغت شرائطه الصوتية فى سماء الساحة الإسلامية بصورة ملفتة، وكان فى ذلك التوقيت ذات أفكار سلفية خالصة، تجنح إلى الإغراق فى الجزئيات بعيداً عن القضايا الرئيسية التى تشغل الأمة.

فى ذلك التوقيت كان حسان على مسافة بعيدة من السلطة، ورغم ذلك لم يتعرض لما تعرض له غيره من الدعاة من المنع والطرد من أمثال الدكتور عمر عبد الكافى ووجدى غنيم وغيرهم، ربما كان ذلك مفهوماً ومتقبلاً فى إطار دعوته التى لا تتعارض مع الخط السياسى للنظام الحاكم.

إنما يمكننى القول إن الخط الدعوى لحسان كان متوافقاً مع النظام السياسى القائم، فالإغراق فى الجزئيات، والصراع مع الصوفية حول قضايا الأضرحة والموالد, وتحريم التظاهر، وتجريم الخروج على الحاكم، كان متوافقاً بصورة أو بأخرى مع النظام الأمنى القائم، والذى يشغل الناس بقضايا فرعية تبعدهم عن القضايا الرئيسية التى تضرب بالمجتمع.

مع ظهور القنوات الفضائية، وبعد موجة طويلة من تحريم التلفاز لشيوخ السلفية، ظهرت عدة قنوات فضائية سلفية، بدأت بقناة الناس، والتى كان لحسان دور كبير فيها، ثم انفصل حسان وأسس قناة الرحمة الفضائية، والتى انتهجت لنفسها منهجاً يبعد عن الصدام مع الحكام، ويغرق أكثر فأكثر فى القضايا الفرعية، فمن معركة النقاب إلى معركة مع المفتى إلى معركة أخرى مع شيخ الأزهر، وكلها تنحو منحىً بعيداً جداً عن الأزمات السياسية الطاحنة.

فى إبريل 2008 وبعد تصاعد دعوات الإضراب والعصيان المدنى، تغير المنهج الدعوى لقناة الرحمة، وتدخلت القناة فى السياسة بصورة بدت غريبة فى ذلك التوقيت، إذ انطلقت دعوات تحريم المظاهرات بصورة بدت غير طبيعية، وانهمك الدعاة فى بيان أن البلاء لا يرفع إلا بالدعاء، وأن الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات ليست منهجاً للتغيير فى الإسلام، وكان على رأسهم الداعية الأشهر محمد حسان.

منذ ذلك الحين اقترب حسان شيئاً فشيئاً من النظام الحاكم، حتى غدت قناته هى الذراع السلفى للنظام الحاكم، فإبان حرب غزة 2008 أو ماسمي بعملية الرصاص المصبوب، كان الشيخ حسان يقف على المنبر أمام حشود عظيمة يخطب فيهم عن الحرب الدائرة فى غزة، ربما يتصور بعضنا أن فى ذلك التوقيت قد يصب الشيخ غضبه على حسنى مبارك الطاغية الذى ضرب حصاراً أمنياً على غزة، وساهم فى تجويع القطاع، غير أن الشيخ وقف يهتف بصوت عالٍ وقد احمرت وجنتيه مثنياً على الرئيس المخلوع، ومؤكداً أن الرئيس حينما تدخل قد تغير الموقف تماماً، والحق لم أعرف آنذاك ماوجه التغيير وقد استمرت غزة تُقصف لمدة تربو على العشرين يوماً.

واستمر حسان على ذلك النهج، وازداد يوماً فيوماً التصاقاً بالسلطة، حتى أنى لا أنسى ذلك المشهد، حين دعاه محافظ سوهاج اللواء محسن النعمانى لإلقاء خطبة الجمعة فى سوهاج، وقد أعدوا له أكبر المساجد، وهيئوا له الساحات المجاورة للمسجد، وحضر الخطبة مايربو على الأربعين ألف، وخرج الشيخ حسان فى حماية ضباط الشرطة، والناس تتدافع حوله، والشيخ يبتسم للضباط المحيطين به.

وهنا صار حسان الأيقونة السلفية لنظام حسنى مبارك، بدلاً من الأيقونة الأزهرية الممثلة فى أحمد الطيب الشيخ الوديع الهادئ القادم من لجنة السياسات، واعتمد الجهاز الأمنى لنظام مبارك على محمد حسان فى نشر ثقافة الخضوع للحاكم، والرضا بالاستبداد والفقر.

وفى أثناء الثورة المصرية، لجأ النظام الحاكم إلى أيقونته السلفية المحببة، فخرج حسان على قنوات فضائية كتيرة، يحذر الناس من الفتنة، ويدعو الشباب للتعقل، غير أن موجة المد الثوري كانت فى مِدها، وانحسر حسان فى خانة شيخ السلطة، فوازن بين خطابه قليلاً حتى سقط النظام، وسقط معه أيقونته.

غير أن حسان أبى أن يسقط مع النظام، فالتحم بالنظام الجديد، وفى ذات المشهد الذى حدث فى سوهاج، وقف حسان بجوار لواء عسكرى فى أطفيح يخطب الناس عن الوحدة الوطنية بعد حادثة هدم الكنيسة هناك، وبينما كان ضباط أمن الدولة يحرسون حسان فى المرة الأولى، استبدل حسان هؤلاء بالشرطة العسكرية، الذى خرج أيضاً فى حمايتهم والناس يتدافعون من حوله.

المقال القادم

محمد حسان.. سلطان العلماء!


Share/Bookmark

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

فى غياب أبى !

حين غابَ حضرتْ كل المعانى،

وتبددت على صخرة الحلم القديم آمال طفل حالم.

وكآبة اليوم العتيق ترنحت على رأس ذاك الطفل.

يبكى فراق أبيه أو صاحبه.

أو كان حقاً أبا؟

أم كان صاحب بيتٍ يأوى ظلال موتٍ بين جوانحه؟

قالت فتاةُ: مات،

وغابت فى إهاب الموت ترقص رقصة الدمع الأخير.

والطفل يلهو فى عيني أبيه،

عند التقاء الدمع بالبسمة فى وجه الأخير.

والروح تصعد تبغى لقاء أحبة قد واعدتهم باللقا

والطفل يبكى، ويبكى، ويبكى..

وأبوه من علٍ يحدق فى الدموع..

هل مات أبى؟

قال طفل لأمه،

قالت:

أبوك لمْ يمتْ،

بل راح يلقى موعظة على رأس أمواتٍ لم يفهموا معنى الحياة!

ياأمى، أين أبى؟

صرخ الصغير فى وجه أمٍ باكية.

قالت:

أبوك لمْ يمتْ

أبوك لمْ يمتْ

وكفكفت دمعاتها، وعانقت طفلها، وقالت:

إن أبوك لم يمت،

ياولدى إن أبوك قد جاء بك ليرحل!


Share/Bookmark

السبت، 15 أكتوبر 2011

ليلة سقوط المشير !

2011-634471059455840856-584 كانت ليلة الخامس والعشرين من يناير للعام 2012 حيث ذهبت إلى سريري كى أنام، فصباح الغد حين تشرق الشمس لن تشرق وحدها بل ستقاسمها شمس الثورة سماء مصر. أذاعت صفحة كلنا خالد سعيد على الفيسبوك دعوات منذ عشرة أيام تدعو فيها المصريين للخروج للشارع للتظاهر ضد «التعذيب والفقر والمحاكمات العسكرية»، طُبعت الدعوات ووزعت فى كل ربوع مصر. الشارع مشتعل، والمجلس العسكرى أكد أن شعب مصر يقف معه فى مواجهة «مثيري الفتنة».

النشطاء يجتمعون، يقسمون أنفسهم، فلان يخرج بمسيرة من شارع شبرا، والآخر يخرج من منطقة ناهية، والثالث من منطقة جامعة الدول العربية، المحافظات أعلنت أماكن التجمع والخروج، مصر تشتعل مرة أخرى، جذوة الغضب تتقد، وتتأجج، الليلة حاسمة فى تاريخ مصر.

كان الأرق يطاردنى، والأفكار تحتشد برأسى، وتطل علي كل الاحتمالات الممكنة ليوم الغد، هل ستحدث ثورة؟ هل سننجح فى القضاء على الظلم؟ هل سيخرج الناس معنا؟

بقيت ليلتى أفكر، وتداعت إلى رأسى عناوين الأخبار التى قرأتها اليوم، وبيانات الأحزاب التى صدرت، وراحت تتطاحن بداخلي:

حزبي التجمع والناصري يرفضان التظاهر فى يوم عيد الثورة، ويؤكدان أن الجيش حمى الثورة ولا يجوز التظاهر ضده فى يوم الثورة.

الإخوان أذاعوا بيانا عبر موقعهم على الإنترنت أكدوا فيه ثقتهم بالمجلس العسكرى فى إدارة شئون البلاد، ووجهوا عدة نصائح للمجلس العسكرى لتفادى ماحدث فى ليبيا من مواجهات بين الجيش والشعب.

الدعوة السلفية نشرت بيانا قالت فيه: إن المجلس العسكرى هو حامى ثورة الخامس والعشرين من يناير، وشعب مصر يحفظ للمجلس العسكرى حمايته للثورة، وحقنه لدماء المصريين، ودعوا فيه جموع المواطنين للتصدى للفتنة التى يروج لها العلمانيون للخروج على المجلس العسكرى.

فيما صرح الشيخ عبد المنعم الشحات عبر مداخلة هاتفية لبرنامج «آخر كلام» مع الإعلامي «يسرى فودة» أن الخروج على المجلس العسكرى حرام شرعا، لأن الله نهى عن الخروج عن أولى الأمر، وأمرنا بطاعتهم وإن جلدوا الظهور، وسرقوا الأموال.

وفى ذات السياق أشاد الشيخ عاصم عبد الماجد المتحدث باسم الجماعة الإسلامية بدور القوات المسلحة فى حماية الثورة، وأكد على محاربة المفسدين الذين يدعون إلى الخروج على المجلس العسكرى، ودعا الشعب المصرى المسلم إلى مواجهة العلمانيين والليبراليين الذين يثيرون الفتنة.

بينما ندد الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس حزب الجبهة، بما أسماه محاولة الخروج على شرعية المجلس العسكرى، التى استمدها من حمايته للثورة، ومن استفتاء 19 مارس، وأكد أن الجيش هو الضامن الوحيد لمدنية الدولة، وطالب الداعين إلى المظاهرات بالتعقل والالتفاف حول الجيش لإنهاء الفترة الإنتقالية بسلام.

تتابعت البيانات والمقالات والعناوين فى رأسى، وطاردت النوم، وبقيت طيلة الليل أفكر فيما سيقع من حوادث غدا.

وفى حوالى العاشرة مساء فتحت الحاسوب وتابعت مايقال عبر مواقع التواصل الاجتماعى. النشطاء اليساريون يدعون لثورة حمراء، يطهرون البلاد فيها من الفساد بدماء الشهداء التى ستخضب الثورة. الليبراليون يطالبون الجميع بالتزام السلمية والتعقل وعدم الاندفاع. مواجهات بين الإسلاميين والعلمانيين، الإسلاميون يتهمون الآخرين بالولاء للغرب وبث الفتنة، والعلمانيون يتهمونها بالعمالة للجيش.

شعرت بالملل، وتململت من الصراعات التى لاتنتهى بين النشطاء، وعزمت أمرى على النزول. جهزت ملابس مناسبة للتظاهر، وأعددت البصل والخل والكولونيا اللازمين لمواجهة قنابل الدخان، واتصلت بصديق لى لنلتقى عند المكان المحدد للمظاهرة.

وقبل مغادرة بيتي تذكرت كلمات المذيعة رشا مجدى على التلفزيون المصرى ليلة أمس: «إن المجلس الأعلى هو حامى مصر، والقوات المسلحة المصرية هى الضمانة الوحيدة لبقاء الدولة المصرية، وأن سيادة المشير بحكمته المعهودة قرر عدم مواجهة تظاهرات الغد».

ما إن بدأت التجمعات، وعلت الهتافات، وتحركت الجموع نحو الميادين المتفق عليها، تجمع الآلاف من جنود الأمن المركزى والشرطة العسكرية مغلقين كل الطرقات المؤدية للميادين، لاسيما ميدان التحرير.

وقف المتظاهرون أمام حشود الأمن والشرطة العسكرية يهتفون ضد الفقر والظلم والتعذيب والمحاكمات العسكرية، وفجأة تحركت جموع الأمن والشرطة العسكرية وانهالت ضربا على المتظاهرين، وامتلأت السماء بقنابل الدخان، وطافت سحب الدخان بكل مكان، وعلا الصراخ، وسقط الكثيرون مغشيا عليهم، وهرولت سيارات الإسعاف لنقل المصابين، إلا أن قوات الأمن منعت السيارات من المرور.

اشتبك المتظاهرون مع حشود الأمن، ورشقوهم بالحجارة، وظلت المعركة دائرة حتى منتصف الليل، فانهارت جموع الأمن، وازداد المتظاهرون عدداً، وبدا وكأن مصر كلها فى الشارع.

وفى نهاية اليوم كان المتظاهرون يحتلون كل الميادين، والشرطة العسكرية والأمن المركزى قد ولوا الأدبار، وأعلن الثوار الاعتصام فى الميادين حتى رحيل المجلس العسكرى، ومحاسبة قتلة الثوار.

واستمر الثوار لثمانية عشر يوما فى الميادين حتى يوم الحادى عشر من فبراير، ففى حوالى السادسة مساءً، أذاع التلفزيون المصري بياناً، لما سموا أنفسهم بحركة «ضباط 8 إبريل» أعلنوا فيه أن ضباط الجيش يرفضون مواجهة الثوار، ويتبنون مطالب الثورة، وأن دور الجيش فى الشارع حماية المنشآت العامة والخاصة وحسب.

عدت إلى بيتى منهكا، بعد ثمانية عشر يوما فى الشارع، ورحت فى نومٍ عميق، وأفقت فى الصباح وقد وضعت أمى جرائد اليوم أمامي، على عجل تصفحت الجرائد، وكانت العناوين الرئيسية:

فى الأهرام عنوان يملأ نصف الصفحة «انتصرنا» وتحته عنوان بخط أصغر «ليلة سقوط المشير، تفاصيل آخر ساعات فى حكم المجلس العسكري»، وفى جريدة الفجر عنوان رئيسي «أسرار العلاقة الجنسية بين اللواء المخلوع والراقصة قمر»، وفى جريدة الاشتراكية عنوان رئيسى «الطبقات الكادحة تسقط مجلس الفساد»، وفى جريدة المصرى اليوم عنوان آخر «هل شارك الإسلاميون فى الثورة؟».

اجتاحني الملل من الجرائد، فقمت من فورى لأتصفح الإنترنت، وجدت بيان للدعوة السلفية ينشره أصدقائى السلفيون بعنوان «وسقط مجلس العلمانيين»، وأكد البيان على دور الدعوة السلفية فى إسقاط المجلس العسكري.

فيما صرح الشيخ عاصم عبد الماجد أن الله قد أسقط الظلم والطغيان بعد عقود طويلة من حكم العسكر، وثمّن مشاركة أبناء الجماعة الإسلامية فى إسقاط المجلس.

لم أحتمل هذا القدر من البيانات، فأغلقت الحاسوب، ونهضت من مجلسى إلى صالة البيت، فتحت التلفاز كان برنامج «آخر كلام» للإعلامى يسرى فودة، وكان يستضيف الدكتور أسامة الغزالى حرب، الذى أكد على دور حزب الجبهة الرائد فى إسقاط مجلس العسكر، الذى قفز على شرعية ثورة الخامس والعشرين من يناير.

بينما اتصل الشيخ عبد المنعم الشحات وصرح أن دور العلمانيين فى الثورة محدود، وأن الإسلاميين بجهادهم ضد المجلس العسكري الظالم كانوا السبب الرئيس وراء سقوطه وتسليم الحكم للمدينين، ودعا إلى بناء دولة مصرية حديثة تحكمها الشريعة الإسلامية.

انتباتنى حالة من الجنون، وفاقت التصريحات والبيانات قدرتى على الاحتمال، فهممت بإغلاق التلفاز، بيد أنى تذكرت دور التلفزيون المصري فى التحريض ضدنا طيلة الثمانية عشر يوماً.

كانت المذيعة رشا مجدى تقف فى وسط الشاشة، يعلو وجهها ابتسامة، ويكسو صوتها ابتهاج، وقالت بصوت يملؤه التعب: «نعم سقط المجلس العسكرى، نعم انتهى عصر الاستبداد، نعم انتهى عصر الذل، من اليوم لا للذل، لا للقمع، لا لاستعباد المصريين، وقبل أن تختم وجهت اعتذار للشعب المصري عن تغطية الإعلام المصري للثورة وقالت: من اليوم لا إعلام موجه، لا إعلام يتلقى التعليمات الأمنية، لا إعلام منفصل عن الشارع، عاشت الثورة».


Share/Bookmark

الخميس، 29 سبتمبر 2011

أسامة الغزالي .. بين علمانية العسكر وديمقراطية الثورة

Untitled منذ قدوم الدكتور البرادعي إلى مصر، ترامى اسم حزب الجبهة بكثرة، إذ أنه الحزب الذى فتح مقراته لحملة البرادعي آنذاك، وقد كنت أحد هؤلاء الذين عقدوا اجتماعات داخل مقرات حزب الجبهة. ومنذ ذلك الحين تردد اسم الدكتور أسامة الغزالي حرب على مسامعي، والحق أني لم أسمع به قبل ذاك رغم ماله من صيت ذائع فى الأوساط السياسية. ومنذ ذلك الحين لم أتوقف عن متابعة تصريحات ومواقف حزب الجبهة والدكتور أسامة بحسبانه رئيسا للحزب، وأحد المفكرين الليبراليين المعروفين.

وقد توقفت طويلاً أمام تصريحات ومواقف اتخذها الدكتور أسامة، وعسر علي أن أجد لها تفسيراً يقبله المنطق، وكان من أبرز التصريحات، ماصدر مؤخراً فى جريدة الشروق والتى يدعو فيها الدكتور الجيش لأن يستمر فى حكم البلاد لمدة عامين، كما أنه لايجد غضاضة فى أن يترشح المشير أو رئيس الأركان لرئاسة الجمهورية، مبرراً ذلك بأن الرئيس العسكري لايعنى تحول مصر إلى دولة عسكرية.

على أني حاولت أن أتقبل منطق صاحبنا، فأعجزني عقلي، وحاولت أن أرجع إلى خلفية الدكتور ربما تفهمت مواقفه إزاء استمرار العسكر فى الحكم، فوجدت أنه من الطبيعى والمنطقى بالنسبة لرجل مثله أن يقبل بحكم العسكر.

الدكتور أسامة الغزالي حرب، أستاذ العلوم السياسية، والكاتب الليبرالي المعروف، بدأ حياته الصحفية فى جريدة الجمهورية ومجلة الكاتب، وشغل العديد من المناصب، أبرزها: رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، ومستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كما أنه عمل كأستاذ غير متفرغ للعلوم السياسية بجامعة قناة السويس وعدد من المؤسسات الأكاديمية الأخرى.

وكان الدكتور أسامة عضواً بارزاً فى الحزب الوطني «المنحل» وفى لجنة جمال مبارك للسياسات، واللجنة هى الراسمة للسياسات التى نفذها الحزب فى السنوات العشر الأخيرة، وكان من أبرز مشروعاتها توريث الحكم من مبارك «الأب» إلى مبارك «الابن».

بيد أن الدكتور أسامة أعلن استقالته من الحزب، وشرع فى تأسيس حزب الجبهة «المعارض»، فيما قيل فى ذلك التوقيت إنه غضباً من تعيين الدكتور عبدالمنعم سعيد أحد أقطاب لجنة السياسات رئيساً لمجلس إدارة الأهرام بدلاً من الدكتور أسامة، إلا أن الدكتور أسامة ينفى ذلك ويؤكد أن استقالته كانت بسبب مشروع التوريث، رغم أن مشروع التوريث قد بدأ الإعداد له قبل انضمام الدكتور للحزب الوطنى، وحتى رحيله منه كان المشروع يسير بخطى ثابتة.

كما عين الرئيس المخلوع حسنى مبارك السيد أسامة الغزالي عضواً بمجلس الشورى، ولم يرفض السيد الدكتور التعيين، بل إن الدكتور أسامة رد الجميل لمبارك بعدما صار الدكتور «معارضاً» ودعا الرئيس المخلوع لافتتاح مؤتمر الليبرالية الدولية فى العام 2009.

المدهش هنا أن الدكتور أسامة فى حوار مع الأهرام العربى ( 2 يوليو 2011) رداً على سؤال محاوره حول كون جمال مبارك ليبرالياً، فلماذا يرفض الدكتور تولى جمال الليبرالي الرئاسة فرد الدكتور أسامة قائلاً: «ما علاقة الليبرالية بالتوريث؟ التوريث قمة الديكتاتورية والاستبداد والسيطرة، وتوريث الجمهوريات ضد كل القيم الديمقراطية»، ورغم ذلك فإن الدكتور لم يتردد فى دعوة مبارك لافتتاح مؤتمر «الليبرالية الدولية»، والسؤال هنا ماعلاقة مبارك الذى يشرع فى توريث ابنه الحكم بالليبرالية، والتوريث كما قال الدكتور قمة الديكتاتورية والاستبداد، فلماذا يدعو الدكتور«المعارض» ديكتاتوراً مستبداً لافتتاح مؤتمر الليبرالية الدولية ؟.

ومنظمة الليبرالية الدولية والتى يعد الدكتور أحد أعضائها، ومنظم مؤتمرها فى القاهرة، تنص لائحتها على أن دولة إسرائيل هى دولة يهودية لليهود، وتصف الفلسطينيين بالإرهاب ولإسرائيل حق الدفاع عن نفسها. وحتى لانغمط الدكتور حقه، فقد صرح الدكتور أسامة فى حواره السالف مع الأهرام العربى بأن رأى المنظمة لايلزمه، ولكن هل هذه الحقيقة؟

في الثامن من ديسمبر سنة 1977، ، وأثناء إحدى الندوات التي عقدت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة .. وبعد أن انتهى الدكتور إبراهيم البحراوي أستاذ الدراسات العبرية ، من حديثه عن الموقف «الإسرائيلي» من القدس، وبعد أن انتهى الدكتور أحمد صدقي الدجاني من حديثه عن الحق التاريخي (للعرب وللمسلمين) في القدس .. جاء دور الدكتور أسامة كمعقب، فوصف ما قاله الدكتور الدجاني بأنه (كلام تاريخي قديم، يقوم على الشحن العاطفي وتخدير المشاعر). ثم قال صراحة وفقاً لأقواله المنشورة على صفحات على صفحات جريدة «الأهرام» في 27/12/1997 ما نصه : (الارتباط العاطفي اليهودي بالقدس حقيقة تاريخية، والوجود اليهودي بالقدس على مر التاريخ حقيقة ثابتة، ويجب علينا أن نعترف بهذه الحقيقة في شجاعة، إذا أردنا الوصول إلى حل للقضية الفلسطينية).

وقد رد عليه الدكتور صدقي الدجاني قائلاً : (أنا عجبت لموقف الدكتور الغزالي الذي رفض استشهادي بالتاريخ عند الحديث عن الحق العربي في القدس، ثم إذا به الآن يستشهد بالتاريخ عند حديثه عن الحق اليهودي في القدس أيضاً).

ويزداد الامر وضوحاً حين نعلم أن مجلس نقابة الصحفيين قد اجتمع فى 21 مارس عام 1997 للبت فى خرق الدكتور أسامة الغزالي وآخرين لقرار نقابة الصحفيين بحظر التطبيع مع الكيان الصهيوني، ذلك أن الدكتور وأخرين قد اجتمعوا ببنيامين نتنياهو أثناء إحدى زياراته للقاهرة.

ولم يتوقف الدكتور عند هذا الحد بل سافر الدكتور فى العام 1999 إلى الكيان الصهيوني فى خرق واضح لما قررته نقابة الصحفيين، ولا يفوتنى أن أذكر أن الدكتور أسامة كان معيناً فى المجلس الأعلى للصحافة مثلما عين فى مجلس الشورى كما أسلفت.

وعلى الرغم من التسامح المفرط نحو الصهاينة، إلا أن الدكتور أسامة تنتابه حالة من الهلع حينما يرى الإسلاميين، فمنذ ثورة يناير وصاحبنا لم يكف عن مهاجمة الإخوان والتيارات الإسلامية، وفى ذات الوقت لا يكف الدكتور عن «مغازلة» المجلس العسكري، مرة بمطالبته بحماية مدنية الدولة، ومرة بمطالبته بالبقاء لمدة عامين لضمان الأمن فى البلاد.

ولأن صاحبنا لديه من «المرونة» مايسمح له بالتطبيع مع الصهاينة، ولديه من «القدرة على التأقلم» مايسمح له بأن يرزح تحت حكم استبدادي، أو تحت حكم عسكري، فإنه لايمانع أبداً فى استمرار العسكر فى الحكم طالما تكفلوا بحماية «علمانية» الدولة، فالدكتور يقدم «العلمانية» على «الديمقراطية» خاصة وأن الدكتور لديه من «المواهب» مايؤهله للعيش تحت أي نظام حكم طالما كان هذا النظام علمانياَ.

09


Share/Bookmark

الجمعة، 23 سبتمبر 2011

مرثية عاشق

366986 غريبة هى الحياة، تفتح لنا ذراعيها وتلوح لنا بأصابعها ترغبنا فيها، وماإن نقبل عليها حتى تعانقنا، ثم يستحيل عناقها ضغطا بقوة، فتتصارع بداخلنا الأحلام والأمال.

فتحت لي الدنيا ذراعيها، وكنت أخشاها، فاقتربتُ على مهل، وأقبلتُ عليها حتى مسست باطن كفيها، فلسعنى عسلها، فاقتربت، واقتربت حتى انزويت فى داخلها، وتلاشيت فيها.

كما عرف آدم حواء عرفتها، ربما عرفت قبلها كثيرات، لكنها بدء الخليقة فى سفر تكويني، عرفت الدنيا من عينيها، خبرتُ الحياة من لمسة يديها، سبرت أغوار الحقيقة حين مست شفتاي شفتيها.

عمّدتني بحبها، مرسلة مائها المقدس تغسلني من ذنوبي وخطاياي. تطهرت من كل النساء، وانزويت فى دير حبيبتى، أصلى فى محرابها، أدعوها كى تغفر لي أن عرفت غيرها، أو رأيت غيرها.

تملكتني، وملكتني، فصرت بين يديها كالميت بين يدي مغسله. أحببتها. عشقتها. تمنيت أن تتلاشى الدنيا وتصبح عدماً ولايبقى أمامي إلا صورتها.

كان الحب غريباً علي، لم أؤمن به يوماً، بل آمنت بأجساد النساء، وكفرت بقلوبهن وعقولهن، حتى عرفتني، أو ربما اختارتني من بين أولئك الذين تعلقوا بها.

فى البدء كانت هى، وكانت هى تملك قلوباً ولايملكها قلب، مخلصة كانت لحبٍ قديم. أسيرةُ ظلت فى طوق حبها، لا أحد يقترب إلا وهوى فى بئر سحيق من الألام.

اقتربت منها، كنت صديقها، بل ربما كنت أخاً لها، حتى أفزعتني وقالت: ستحبني يوماً!

لم أدرك ساعتها من أين تأتى تلك المرأة بثقتها فى نفسها؟ كيف استطاعت أن تضرب سياجاً من الجفاء تمزق كل مقترب، وتجرح كل عابث يرنو إلى المرور إلى قلبها.

مرت الأيام، وأنا أحفر بئر عميق عما قليل سيمسى مثوى عاشق جريح ..

أحببتها، وصارحتها على الفور، لم تهتز، كانت قوية، واثقة، ضحكتْ، وجلجلت ضحكتها فى السماء حتى انتبهت إليها الملائكة ..

مرت أيام وهى لاتتغير، هى لاتتغير، بينما الأخرون تلفهم الأيام بجراحات تثخنهم فيتبدلون ويتغيرون. حتى يوم كانت تكلمني باكية، ويعلو صوت بكائها ويتمزق قلبي، وأصمت منصتاً لبكائها، عشقت حتى بكائها أجنون هذا ؟

بينما يعلو نشيجها، باغتتنى وصمتت، ثم قالت: بحبك

تولانى الصمت، واعترتني حال بِتُ فيها أقرب إلى المجاذيب، لاصوت، ولا حركة، لم أستطع أن أنبس بكلمة واحدة.

تمر أوقاتنا الحلوة كومضة خاطفة، كاحتراق شهاب فى ثوانٍ سرعان مايتلاشى، هكذا كانت أيامي معها. فرحة وسعادة، دفء وأمان، هل يحس الرجل بأمان فى حضن إمرأة ؟.

بددت العالم من حولي، فلم يبق إلاها، وتتابعت الأيام، وتوالت السعادات، وتواترت دفقات الحب علي. عرفت الحب، وكنت كافراً به، هى من علمتنى كيف أحب.

غير أن قدرنا فى هذه الحياة أن تصفعنا بحزن تلو حزن حتى نفيق من لسعة عسلها، هل كتب علينا الحزن ؟ أم أننا نهوى الحزن؟ أم أن الحزن يقومنا؟

افترقنا، نعم افترقنا، هكذا مرة واحدة، كنت أعرف أنها ليست لي، ولكنى لم أصدق يوماً انها ستكون هناك فى حضن أخر، حتى حانت لحظة خمدت نار حبها، وانطفأ وهج الشوق فى عينيها، فلم تكلمني، وظلت بعيدة. كنت أحس أن النهاية قد حانت، بيد إن المحتضر يُكذب الواقع ويتعلق بأهداب الحلم الجميل.

زادني بُعدها حيرة، فقررت أن أصارحها، سألتها: ماذا تريدين؟

قالت بصوت حزين: أن نفترق!

وكانت مشئيتها وإرادتها وافترقنا، وكان فراقنا أليماً، لم يكن الألم ألم الفراق وحده، لكنه ألم التجاهل والبُعد دون إحساس بعاشق تعلّق بسماء الحلم.

كل يوم أنتظر صوتها الدافئ فى الليل. أدرك أنه حلم يائس، وأنه لن يجئ، ومع ذلك أنتظرها كل ليلة، أنتظرها.

أفتقد صوتك، وضحكتك، وعينيكِ، ولمستك، أفتقدك.


Share/Bookmark

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

هل الثورة المصرية كانت سلمية ؟

alg_tahrir_square_overview  فى زمان الإرهاب الفكري بات الكلام عن سلمية الثورة المصرية محفوفاً بالمخاطر، ومعبأ بالصراعات بين أنصار لاسلمية الثورة وسلمية الثورة، حتى غدت سلمية الثورة سُبة فى جبين من يعتنق السلمية كعلامة للثورة .

يروج أنصار العنف مذ انتهاء الثورة أو بالأحرى منذ انتهاء المد الثوري الأول وتنحية حسنى مبارك عن الحكم إلى نظرية العنف الثوري، وأنه لولا العنف مانجحت الثورة، وأن ثورتنا لم تكن ثورة سلمية بأية حال، ويدللون على ذلك بإحصائيات تظهر عدد القتلى من الشرطة المصرية والشهداء من الثوار على السواء.

وبالمقابل يحاول أنصار التغيير السلمي تصحيح المغالطات التى ترد فى استدلالات أهل العنف، غير أنهم يقابلون بموجات متتابعة من الهجوم التى تثنيهم عن الاستمرار فى الحوار . وذلك لأن دعاة العنف أعلى صوتاً وأشد تأثيراً، فعادة التطرف والغلو يكون أيسر من الاعتدال والقصد، فالأول طريقه مُعبد وميسر للمزايدة والمغالاة، بينما الثانى ملبد بسحب العلم والحكمة، وهما عسيران على كثير من أبناء جلدتنا .

ولكى يمكننا تحليل مغالطات دعاة العنف ينبغى أن نسترجع الثورة المصرية منذ مهدها حتى تنحية حسنى مبارك. بعد نجاح الثورة التونسية وهروب الرئيس المخلوع بن علي، تصاعدت دعوات عبر الإنترنت للثورة على الظلم والفساد والفقر فى مصر، ولم يدرك أحد وقتها أنه من الممكن أن تشتعل ثورة فى أرجاء مصر، بل إن الغالبية من النشطاء أنفسهم كانوا على درجة عالية من التشاؤم إزاء تظاهرات 25 يناير.

كانت أبرز الدعوات التى شاعت فى ذلك التوقيت، دعوة صفحة (كلنا خالد سعيد) للثورة على الفساد والتعذيب والظلم يوم عيد الشرطة، خاصة وأن الجو كان معبأ ضد الداخلية بعد حادثة كنيسة القديسين ومقتل الشهيد سيد بلال إثر التعذيب داخل مقر أمن الدولة بالأسكندرية.

يوماً فيوماً تعالت نبرات التفاؤل بعدما ذاعت الدعوة لتظاهرات 25 يناير، وانتشرت بشكل أوشى آنذاك بأن شيئاً ما يتحرك تحت الرماد. عندئذ تضاءلت نبرة التشاؤم، وارتفعت وتيرة التفاؤل بشكل مذهل، حتى كان يوم 25 يناير .

فى يوم 25 خرجت الناس إلى الشوارع بشكل سلمي، فكانت ذخيرتهم حناجرهم، وقنابلهم هى الأصوات الهادرة الصادرة من مئات الألوف، وكان موقف الشرطة آنذاك عجيب، فالشرطة لم تتدخل كعادتها لتفض التظاهرات بالوحشية المعهودة عليها، باستثناء بعض المناطق التى جرى فيها اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين.

استمر الناس فى التظاهر والهتاف ضد النظام، وسار الناس بشكل عفوي حتى بلغوا ميدان التحرير، وبدأ الناس يتجهون نحو الميدان بصوة تلقائية، انتهى الأمر وعشرات الألوف قد سكنت الميدان، وجلسوا يهتفون بصوت واحد "الشعب يريد إسقاط النظام".

إلى هنا والثورة لاتزال محافظة على سلميتها، حتى تدخلت الشرطة فى نهاية اليوم وفضت اعتصام التحرير بمنتهى القوة، وكانت قوة مفرطة ربما فاقت تصوارتنا عن وحشية الداخلية، عندئذ تفرق المعتصمون فى الشوارع الجانبية، وساروا فى مسيرات صغيرة وراحوا يهتفون ضد النظام.

مرت الأيام التالية والتظاهرات مستمرة فى عدد من المحافظات، كان أكثرها اشتعالاً هى محافظة السويس، والتى أعلن فيها رسمياً عن سقوط أول شهيد للثورة يوم 27 يناير. من هنا تغير مسار الثورة تغيراً نوعياً، وليس تغيراً جذرياً، بحيث تتحول الثورة من سلميتها إلى العنف، إنما كانت الصدور متأججة بنار الانتقام من الداخلية، وزاد الأمر اشتعالاً سقوط الشهيد الثانى والثالث فى السويس، وبلغ عدد المصابين 350 مصاب.

وكان يوم جمعة الغضب، وهو اليوم الأهم فى الثورة، من حيث أعداد المتظاهرين التى ازدادت بسرعة جنونية، أو من حيث أحداث اليوم التى توالت إلى نزول الجيش إلى الشوارع.

هنا ثمة أسئلة يتعين طرحها، أهم تلك الأسئلة من وجهة نظري:

هل خرج المتظاهرون من المساجد مسلحون أم أنهم خرجوا بأيادى خاوية ؟

هل بدأ المتظاهرون فى الاعتداء على رجال الشرطة أم أن رجال الشرطة هم الذين بادروا بالعنف ؟

ربما لايختلف اثنان على أن الشرطة بمجرد شروع المتظاهرين فى الخروج من المساجد قامت بإطلاق الغازات المسيلة للدموع، وفتح خراطيم المياه، ثم الهجوم على المتظاهرين بأعداد كبيرة من الامن المركزي.

فى البدء صمد المتظاهرون وتحملوا الضربات الأولى بمنتهى الصلابة، بيد أنه فى لحظة ما كان يبنغى رد الضرب ولو بالحجارة لفتح الطريق أمام المتظاهرين. انتهج كل فريق من المتظاهرين طريقة مختلفة لكسر حواجز الأمن المركزى، فمنهم من رشق سيارات الشرطة بالحجارة، ومنهم من التحم بالشرطة وتلقى الضربات حتى خارت قوى الأمن المركزى وبدأ فى التراجع.

إذن يمكننا القول أن رد الثوار لم يكن عنيفاً بصورة منظمة مما يوحى بأنهم نظموا أنفسهم تحت شعار الثورة العنيفة، بل إن معركة قصر النيل دليل دامغ على أن المتظاهرين ظلوا سلميين إلى أبعد مايمكن، فرجال الشرطة قد استخدموا كل الوسائل الممكنة لمنع المتظاهرين من بلوغ ميدان التحرير، بينما ظل المتظاهرون يتدافعون رغم قنابل الغاز والرصاص المطاطي وخراطيم المياه دون رد عنيف، حتى تساقط الشهيد تلو الشهيد فانتفض الناس بصورة عفوية وبادلوا عنف الشرطة بعنف مشروع وهنا بيت القصيد.

التحول الذى حدث فى رد المتظاهرين من السلمية التامة إلى الرد بالحجارة على الشرطة، هل يدفعنا لأن نصف الثورة بأنها عنيفة أو أن العنف هو الحل الأمثل للثوارت، وهل يخرج هذا الثورة من دائرة السلمية؟

لايمكننا إنكار حق المتظاهرين فى الدفاع المشروع عن أنفسهم، لكن دفاع الثوار عن أنفسهم سواء برشق الحجارة أو حتى بإشعال النيران فى أقسام الشرطة التى ثبت أنها أطلقت النيران بصورة عشوائية على المارة، لايضفى صفة العنف على الثورة، فالثوار خرجوا بسلمية تامة منذ أول يوم وحتى سقوط الشهداء بأعداد كبيرة، ورد الثوار حق أصيل لاينكره عاقل.

على أن وصف الثورة بالعنيفة يحتاج إلى دليل على استمرارية العنف من جانب الثوار حتى نجاح الثورة، وهذا لايمكن لأحد أن يزعمه، فبعد انسحاب الشرطة أعلن المتظاهرون اعتصاماً فى ميدان التحرير وميادين أخرى، ولم يتابعوا مثلاً رجال الشرطة ويقتلونهم.

لاحظ أيضاً أن رجال الشرطة كانت أعدادهم بالألاف بينما أعداد المتظاهرين بالملايين، ورغم ذلك لم يسقط من رجال الشرطة إلا أعداد قليلة جداً، إننا إذا قارنا ثورة مصر بثورة ليبيا فى هذا المضمار لايمكن أبداً أن تسعفنا الدلائل لوصف الثورة بالعنيفة.

إن مقارنة بسيطة بين أعداد الشرطة التى سقطت عندنا وكتائب القذافي، وبين ثوار مصر وثوار ليبيا يهدم أقوال أولئك القائلين بعنف ثورتنا.

وأخيراً فإن موقعة الجمل ذات دلالة بالغة الأهمية، فرغم سقوط مئات الشهداء من جانب الثوار، لم يسقط قتيل واحد من البلطجية، مع أن الثوار قد ألقوا القبض على الكثيرين منهم أثناء احتدام المعركة، ومع ذلك لم يتعرضوا لهم بسوء، بل إن شاشات الفضائيات نقلت صوراً لبعض البلطجية والأطباء الميدانيين يعالجونهم من الإصابات الناجمة عن التراشق المتبادل بالحجارة.

إن سلمية الثورة ليست عاراً نتبرأ منه، بل إن سلمية الثورة هى التى جعلت العالم كله ينحنى أمام الثوار المصريين، وأي مقارنة مع أي ثورة أخرى لن تكون فى صالح دعاة العنف.


Share/Bookmark

الاثنين، 4 يوليو 2011

المغرد الصغير (لؤي نجاتي)

211106_172911972771180_6525009_n

حدث ذلك يوم الثلاثاء الدامي ..

هناك في شارع محمد محمود، عند السابعة صباحا، حيث تدور رحى المعركة بين الثوار وقوات الأمن المركزى، في إحدى الشوارع الجانبية راح يحتمى، ويريح قلبه المثقل، فالمعركة مشتعلة منذ مايزيد على ثماني ساعات ..

كانا عائدين من عند وزارة الداخلية، وبدا أنهما منهكين، يكسو وجههما تراب كثيف. يرتديان زيهما الأسود الكئيب، الذي يعرفه جيدا، تحركا نحوه، وأمسكا به، كانت يدهما قوية رغم الإنهاك البادى عليهما، كانا يجذبانه بعنف وكأنهما ينتقمان من شيء ما في هذا الشاب ..

ساروا جميعا إلى وزارة الداخلية، كان معهما مستسلما تماما، فهو لم يقترف إثما يجعله يخشاهم، ربما دارت برأسه في تلك اللحظات أسئلة كثيرة، لكن ماأعرفه أنه لم يكن يخشاهم، ولم يشعر إزائهما إلا بازدراء مسكون بالشفقة ..

عند باب وزارة الداخلية استقبله ضابط ضخم البنيان، قوى، بدا غاضبا، نظر إليه وسأله: إنت كنت بتعمل إيه ؟

بصوت خفيض، رد عليه: كنت بغطى الأحداث

- إنت صحفي يلا ؟

- لا أنا صحفي مستقل .

- مستقل مين يابن الوسخة .

جذبه بعنف، بل كان يجره كما يجر الجزار ذبيحته، إلى داخل سلخانة الداخلية، وهناك نزع عنه العساكر "التي شيرت" الذي يرتديه وقيدوه به من الخلف، وهددوه بأنهم سيغتصبونه ويصورونه، وانهالوا عليه باللكمات والصفعات والركلات، حاول أن يصد ضرباتهم، لكن جسده الضعيف لم يحتمل ضرباتهم، فخر أمامهم واستسلم لضرباتهم، لم تكن ضرباتهم وحدها التى توجعه، فشتائمهم كانت أشد قسوة، وأكثر انتقاما ..

وبينما هم منهمكون في انتهاك آدميته، نظر إليه الضابط ذات الجسد الضخم، وأمسك بيده، وكان صاحبنا يرتدى حظاظة بيضاء، فقال له الضابط: إنت من بتوع الألتراس يلا ؟

وبصوت متهدج، منهك، متعب، قال له: لا

يبقى انت ماسوني يابن القحبة .

ولم يتوقف الضابط عن سخريته من الشاب الضحية، بل راح يسخر من الثورة، ويقول له بضحكات يملؤها الانتقام: ثورة ايه يا.. أمك ، إحنا أسيادكم والجيش معانا ..

ثم انصرف الضابط، وجاءت مجموعة أخرى من الضباط الصغار ومعهم مجموعة من العساكر وبدأت رحلة جديدة من الضرب والشتائم. في ذلك الوقت كان ينضم مجموعة من الشباب لصاحبنا يتلقون الركلات والصفعات واللكمات والشتائم ..

بعدما انتهوا من مارثون التعذيب، جمعوا الشباب وتحركوا بهم نحو عربتين يقفان خارج وزارة الداخلية، وكدسوا الشباب بداخلهم، وتحركت السيارتان إلى قسم عابدين، وهناك تلقوا وابل من الشتائم مع مزيج من الضرب، وعلى إثر الضربات المتلاحقة سقط شاب في السادسة عشر من عمره مغشيا عليه، فلم ترحمه الذئاب الجائعة، إنما اراحوا يضربونه ويركلونه ظنا منهم أنه يدعى !

كانت المحاضر قد أعدت، وكتب فيها ماأراد الضباط أن يكتبوا، واختاروا لكل شاب تهمة مناسبة، فهذا كدّر الأمن العام، وهذا اعتدى على الضباط، وهذا كسر العساكر، وهذا ألقى زجاجات حارقة على الأمن المركزى ..

ثم كانت رحلة أخرى إلى النيابة العسكرية، وهناك كان لهم حظ من الضرب أيضا على يد عبود ووهدان، وهما عسكريان غلاظ شداد لايعصون ضباطهم ماأمروهم ويفعلون مايؤمرن !

وبسرعة عجيبة، تم التحقيق مع الشباب، بغير محاميين يحضرون معهم التحقيقات، عذرا لقد ظلمتهم، كان ثمة كارنيه لإحدى المحاميات حضر معهم التحقيقات، والعجيب أن المحامية صاحبة الكارنيه وقعت على المحاضر دون أن يراها الشباب !

عندئذ انتهت مسرحية المحاضر والتحقيقات الوهمية، وبدأت رحلة عذاب جديدة، الترحيل إلى السجن الحربي، ماأدراك ماالسجن الحربي، حيث لارحمة ولا عدل، دخل الشباب وقد تلقفهم الجنود بخراطيم الكهرباء والمواسير، وكانت معزوفة متناسقة الأداء من الجنود، يعرفون أين يضربون، وكيف يوجعون من غير ضرر جسيم ..

هذه نصف الحقيقة ..

النصف الأخر من الحقيقة هناك في زنزانة صغيرة في السجن الحربي، حيث يرقد صديقي لؤي نجاتي، المغرد الصغير، المتمرد الحر، الثائر الحالم ..

تعرفت على لؤي منذ عامٍ تقريباً، كان رقيقاً للغاية، مهذبا إلى أقصى حد . شاب صغير يدرس في أكاديمية الشروق، يعشق دراسته، يحب التعلم، دائم السؤال والنقاش ..

رغم صغر سنه، إلا أنني تعلمت منه الكثير، ربما يستغرب صديقي حين يقرأ كلماتي بعدما ينال حريته، لكنها الحقيقة ياصديقي الجميل ..لقد تعلمت منك أن أثور دون أن أخسر كل شئ ، تعلمت منك أن أعمل دون ضجيج ..

كان لؤي شابا عادياً، مهموماً ببلده، حزيناً على حالها، ليس له أيدولوجية يعتنقها، لكن الحرية كانت دينه الذى يدين به، كان يعشق الحرية، يحب مصر وكأنها فتاته التى ينتظرها بشغف ليمس يديها التى غابت عنه طويلا ..

أثناء الثورة التقيت به هناك في ميدان مصر الحرية، لم يكن هذا صديقي الذى عرفته منذ عام، كان فرحاً، يطير بجناحين فوق الميدان، كنت أشعر به وهو يحلق بعيداً عنا في الميدان، كانت حبيبته قريبة منه، كان يشعر بأن يديها التى غابت عنه طويلا تمس جسده الأن ..

بعدما عرفتُ باعتقال لؤي، تولاني ذهول، وصمت ، ولم يخرجنى من حالتى تلك إلا كلمات أخيه طاهر، حينما قال بأن لؤي مريض بالقلب !

لؤي الشاب الحر الجميل مريض بقلبه، إلا أن صدمتي قد تلاشت حينما تذكرت أن قلبه كان دوما مهموما بمصر، وقلب العاشق لايحتمل النظر إلى محبوبته وهى تحتضر !

هذا العاشق المتيم بمصر، ينام الأن في السجن الحربي يرنو إلى حبيبته من كوة صغيرة في زنزانة ضيقة ، بينما حسنى مبارك الذى حبس مصر طويلا يرقد في مستشفي شرم الشيخ كملك متوج تقاعد بعد رحلة طويلة ..

صديقي الحر المتمرد، اعذرني فلم أستطع أن أكتب عنك أكثر، فصورتك وابتسامتك الهادئة تلاحقني كلما كتبت، ولا أحتمل أكثر من ذلك .. عفوا صديقي فلست مثلك حراً !


Share/Bookmark

السبت، 25 يونيو 2011

كانت هى ولاشئ غيرها !

9d28bc05eb

إهداء : إلى صديقتي الصغيرة / المرحة / الحزينة / الجميلة / الحالمة ...

كانت هى ولا شئ غيرها ,,,

بيضاء كانت، صغيرة تكون، جميلة هى كائنة، عيناها تؤطرهما سعادة، ويملؤهما فرح، رغم مايحمل قلبها من حزن وشقاء!

منذ أشهر قليلة نضجت ورقتها التاسعة عشر، وسقطت ورقتي الرابعة والعشرين، كان بيننا سنوات قليلة، ومسافات بعيدة تفرقنا ،ولكن أرواحنا اجتمعت، وعيوننا تلاقت، وقلوبنا هدأت وسكنت، كانت صديقتي، وصديقها كنت ..

في كلية الإعلام في السنة الثالثة كانت تدرس، بل كانت تعشق، فهى لاتدرس الصحافة بل تعانقها، تلثمها، وكأنها امرأة أخرى، ترى المستقبل جميلا، رغم ألم الواقع، وتحمل فى عينيها فرحا بالألم، وسعادة بالحزن، تراها أعينُهم مرحةَ، دائمة السعادة، وتراها عيني مهمومة حزينة، بينما عيناها لاتظهران إلا السعادة، تخدعهم جميعا بابتسامتها الهادئة، لم تكن هادئة، إنما هى مَنْ جعلتها هادئة ..

تحب الموسيقي، وتهوى الرسم، تعشق الرياضة، تجرى، وتلعب، وتلهو وكأنها طيرُ خفيف يتحرك فى أرض شاسعة حيث عيون الصقور مغشية، وتبقى عيناها فرحتان، تضحكان كلما اقتربت منها، لكنى أرى في باطن عينيها حزن يرقد مستكينا مستسلما أسيرا لشئ ما لا أعرفه ..

حولها كثيرون، خشيت الاقتراب منها، فشلُ ألا تحاول حينما تريد، وجنون أن تقتحم امرأة تحلق فى سماء الحرية، ترددت كثيراً وقليلاً قبل أن أقتحمها، وكيف تقترب من امرأة نضجت قبل أوانها، امرأة طفلة، وطفلة في امرأة، مرحة حزينة، ثرثارة هادئة، تحمل جنون الحكمة، وحكمة المجانين !

يوم جلسنا سويا، جمعتنا الصدفة، كنت وكانت ومعنا صديقتنا . يظل المرء سباحا ماهرا مادام بعيدا عن النهر، غير أنه حين يلاطم المياه يحس بعجزه، ويشعر بضعفه، هكذا كنت حين كانت منضدة تفصل بيني وبينها، بجرأتها راحت تتكلم عن الليبرالية والحرية، ومستقبل الصحافة، والصحافة الشعبية، والموسيقى والفن والأدب ..

كلما حاولت أن أنتزع كلمة من بين شفتي، وخزني عقلي، ونهرني قلبي، أخشى أن أتكلم فأفقدها، والخشية خوفُ ممزوج بالحب، هل أحبها؟

التفتت إليّ، فطافت خصلاتها حول عينيها، بيديها الصغيرتين أزاحت خصلاتها، وقالت: محمد إنت إيه رأيك فى موضوع المعاكسات ده ؟

اجتاحنى شرود، وخالجنى خوف، وبعفوية طفل قلتُ لها: انا ضد المعاكسات بس لو شفتك في الشارع هعاكسك ..

خرجت من صورتها الهادئة، وأطلقت ضحكة خطفت العيون من حولنا، إلا أن ضحكتها طمأنتني، ودفعتنى لأغرد معها، يومها عِرفت كيف أطير، أخذتنى معها فى عالمها وحلقنا سويا بعيداً عن هؤلاء، انطلقت أتكلم وأتكلم وأتكلم وهى تسمع بهدوء ملفت، لم يكن معروفا عنها أنها تسمع دون أن تشاغب ..

عندما عدت إلى بيتي، فتحت حاسوبي مسرعا، وكأن شيئا ما يركض خلفى، فتحت صفحتها على الفيس بوك وأرسلت لها دعوة للصداقة، كان مفاجئا أن تقبل الدعوة بعدها بلحظات، وترسل لى رسالة: مساء الخير يامحمد، شكرا على الإضافة ..

بعد ساعة أرسلت لي رسالة أخرى تحكى لي إعجابها بمدونتي، وبما كتبته عليها، وتناقشنا فيما كتبته، ورحنا نحكى حتى انتصف الليل !

مرت أيام والرسائل لاتنقطع بيننا، وامتد بيننا شئ ما دافئ ..

تواعدنا على اللقاء، والتقينا، وتكلمنا في كل شئ، الدين والسياسة والأدب والفن، كانت حالمة إلى حد الجنون، متفائلة إلى حد اللاعقل ..

أخذتنا نشوة الحكى، وحين أفقنا منها، وجدتنى أعرف عنها الكثير، حكت لي الكثير عنها، أطلقت الحزن الأسير من باطن عينيها، لا أعرف لماذا أنا، وهى أيضا لاتعرف، سالت دموعها حين عادت إلى بيتها، لأنها حكت لي ..

تجردت من قيود سربلت نفسها بها مذ سنواتٍ بعيدة، وحكت لي الآمها وأحزانها وجراحها، بكتْ كثيراً لأنها تحكى لي، ولكنها فرضت على نفسها أن تحكى ..

أظهرت لي ضعفها، وأودعت هموما وأحزانها لدى، واقتربت مني واقتربت منها، غريب أننا ظللنا أصدقاء ولم يداخلنا شعور بالحب الغريزي ..

استمعت إليها وهى تحكى عن عريسها المنتظر، وعن الضغوط التى تتحملها من أهلها لقبول العريس، وعن رغبتها فى الحرية حتى تحقق أحلامها، صحفية كبيرة، تغير شكل الصحافة المصرية، فتاة تعتمد على ذاتها، تحس بالأمان من داخلها لا من رجل، تكتب وتصور وتعزف ..

يومها وددت لو أسندت رأسها على صدري، بل تمنيت أن أضمها وأشعرها بالأمان فى صدري، وبالحرية التى تتوق إليها، لماذا يريدون قتل حلمها؟ لماذا يخشون من حريتها ؟

لا أعرف لماذا تذكرت كل ماحدث بيننا بينما اقرأ دعوة زفافها !


Share/Bookmark

الخميس، 2 يونيو 2011

ليلة الخميس !

4cffaa7fc3 كان الخميس هو اليوم الأكثر قداسة في حياة محمد، يصحو مبكرا على غير عادته، ينثر أنفاسه المحملة بالفرح، يرى كل الأشياء حوله ترقص، سريره، مرآته، ملابسه، عطره، يرتدى ملابسه مسرعا، ويغدو إلى عمله لينجز مالديه من أعمال، وينهى ماتبقى لديه من ارتباط بحياته العادية.

يعود إلى بيته، ليبدأ يومه المقدس، طقوس طالما تعبّد بها كل أسبوع، يخرج بدلته الأنيقة من مخدعها، وبرفق يضعها على سريره، يضمخها بالعطر الذى تحبه!

يتحرك بخفة ورشاقة لاتناسب رجل في الأربعين من عمره، يفعل كل شئ بسرعة ودقة، وكأن شيئا ما ينتظره هناك في اللامكان!

يستقبل شظايا الماء على جسده بتحنان عجيب، وكأنه يحتضن ذرات الماء المتناثرة، يوزع سعادته وحبه على كل شئ، الماء، الهواء، الفراغ، العدم !

يلتقط بذلته، وأمام مرآته يقف ليرتديها، ينظر إلى جسده وكأنه يعرفه للمرة الأولى، كل شئ غريب في ذلك اليوم.

بعد أن ينتهى من ارتداء بذلته، ينثر عليها الرائحة التى تحبها ثانية! ويتأمل نفسه طويلا، يحدق في عينيه، شفتيه، فمه، بشرته، ويمس وجهه بحنو طفلٍ يتعرف على جسده!

كانت هى الأخرى، تفعل مايفعل، وتفكر كما يفكر، وتسرع كما يسرع، كانا يتحركان بروح واحدة وجسدين، تحب الأشياء كلها من حولها، ولكنها طبيعتها، فهى حنونة، دافئة، هادئة.

ارتدت فستانها الأزرق البديع، ووقفت أمام مرآتها تحدق في وجهه، كان جميلا، لكنه كان غائبا هناك، راحت تضبط فستانها البديع على جسدها الأكثر بداعة، فغدت أكثر ألقا وجمالا وبهاءً .

كانت رائحتها جميلة من غير عطر، أنفاسها مملؤة بالزهور، عينيها تبث رائحة غريبة، تستفز كل من حولها، كانوا يغارون منها ولكنهم يحبونها.

مسرعا نزل من بيته، ومسرعة صعدت إليه، كاد ينسى وردتها التى تعشقها، عند بائع الورود الذي تقاسما عنده ذكريات الحب وقف، وأخذ وردة واحدة، لطالما قالت له: محمد، أحب أن يهديني أحد وردة، لكن أحدا لم يفعل!

عانقت يداه الوردة، وركب سيارته مسرعا نحو المطعم الذي اعتاد استضافتهما يوم الخميس، ذكريات كثيرة منثورة على باب المطعم، نظرتها الأولى، عينيها ورائحتها الذكية، شفتيها الوردية، نظرتها التى أصابت قلبه .

دخل من الباب لاهثا، يبحث عنها، لايحب غيابها، كانت تجلس على يسار الممر القصير الذي يشطر المطعم إلى قمسين، هناك حيث الهدوء، والظلام الخفيف الذي يشقه خيط من نور، لايعرف أكان ذلك الخيط من عينيها أم من مصباحِ كهربائي.

حين رأها، ارتج قلبه، وسرت في قلبه رعشة، كانت كافية لأن يسقط مغشيا عليه، أي إمرأة تلك التى يسقط الرجال بحضرتها؟

حاول أن يتمالك نفسه، ومشى بخطوات وئيدة، التفتت إليه، ورمقته بنظرة حنونة، كانت توزع حبها على كل شئ، كم كانت جميلة تلك الليلة، وكل ليلة، صافحها ويده ترتعش، بينما كانت يدها دافئة، ناعمة.

سألته عن حاله، وعن عمله، وعن حياته، كان غائبا بحضرتها، هائما في ملكوت عينيها، ربتت على يديه، وقالت بأعذب صوت: محمد، مالك فيك إيه ياحبيبى؟

وكأن الدنيا قد انسحقت تحت قدميها، والأرض قد زالت، والسموات قد طويت، ولم يعد على الأرض غيرها،والعدم!

حضر العشاء، وجلسا يأكلان سويا، هو لايأكل، هو ينظر إليها فحسب، تبتسم فيبتسم، تتكلم فيتكلم، تصمت فيصمت.

خرجا من المطعم، ويده تلثم يدها، كطفلين صغيرين سارا سويا، يضحكان من القلب، يتذكران يوم انقطع حذائها وهم خارجين من المطعم، يتبادلان النكات، يعلو صوت ضحكاتمها، تماما كطفلين تحررا من كل العالم، لم يعد حولهم سوى العدم !

عند منتصف الليل، ركبا سويا السيارة، واندفع يقود بجنون، هى تحرره من كل شئ .

وصل بها إلى مكان عجيب، المقابر! .. أخذها من يدها، وطبع على رأسها قبلة، وضمها إلى صدره طويلا، وقد امتلأت عينيه بالدمعات الدافئة، ثم وضع على قبرها الوردة، ورحل!


Share/Bookmark

السبت، 21 مايو 2011

من شُرفتي، رأيتها!

1_2 على حافة شُرفتي الحزينة،

وقفتُ منتصبا أحدق في سماء الحيرة الواسعة،

ووقفتْ تتأمل جمال نهديها الصغيرين.

كان جالساً خلف ستارة بيضاء لم أتبيَن ملامَحهُ،

يبدو ممشوق القوامِ، طويلَ الشعر، لكنه ليس أنا، فهو هو، وهى هناك وحدها معه!

ارتفقتُ شرفتي، وطفقتُ أَشعلُ سيجارتي، كي أقبلها، وأرتشف منها حباً، حرمني منه ذاك الأخر، خلف الحجاب الأبيض، وهى ماتزال عارية!

صوب سريرها تحركت، ونحو قلبى نار تأججت، على فخذيه جلست تداعبه، وعلى شفتي، جلستْ سيجارتي تنفث دخانها بعيدا نحو شرفتها.

صوتُ مارسيل يأتيني من الداخل يطلبُ ريتا، ودرويش خلفه يبكى فراق أمِه، والهواء البارد يمس جبيني، فيتعانق وحبات العرق.

على سرير العاشقين، راح يقطف تفاحة صدرها، يتذوق حبة العنب المنتصبة، رعشة تسرى في جسدها، ودمعة دافئة تملأ عينيا.

حمامةُ بيضاء في ليل بهيم أسود، حطتْ على ُشرفتها، وحطت شفتاهُ على شواطئ منبع الحياة، ينهل منه عسل الحب، وتأوهاتها ترج غرفتها، وآهاتى ترج قلبى.

طافت برأسي ذكرياتُ حلوةُ، ابتسامتها الأولى لي، خجلها من نظرتي إليها، المرة الأولى التى لوحت لي بيدها، ابتسامتها العذبة وهى تجلس في شرفتها، ترنو إلى العالم، بينما أم كلثوم ترنمّ خلفها بأعذب الكلمات.

وقفتْ وكأنها تنثر ماء الحياة على باطنه، وهوتْ بين ذراعيه على سرير الخطئية، وهويتُ من شدة الألم فى بئر سحيق من اللاوعي، أفكار تقتل رأسي، لماذا هى هناك معه، لماذا وأدت برائتها فى حضن آخر، لم أحس بالخيانة بقدر ماأحسستٌ بالضياع.

لماذا أحس بالضياع حيالها، لستُ أحبها، وليست أما لي أو أختا، بيد أن إحساس الضياع قد غمرني، وتولاني وكأني أشاهد مذبحة لا إنسانية، أفقدتني الحس والشعور، ودفعتني لأكون ضائعا، أهيم كالمجنون في اللاوعي القاتل.

قامت بعد أن وهبته الحياة، وراحت نحو المرآة تحدق في ملامحها، وكأنها تستغرب وجهها وجسدها، هل أحست بالخطئية؟

ربما، ولكنها عادت إلى سريرها تحمل في يديها شيئا، اقتربت منه، وأسندت رأسها إلى الحائط، ونهض هو الأخر، وأسند رأسه بجوارها، منحته شيئاً لم أتبينه، مشغولا كنت بالتعرف على ملامحه، التى تحجبها ستارة بيضاء، لماذا هى بيضاء؟

بيضاء كانت قبل أن يمسها ذاك الغريب، وقديسة كانت قبل أن تشعل سيجارة تنفث منها دخانا أزرق داكنا يملأ غرفتها، أكان الدخان يملأها أم ذاك الغريب؟

طمر الدخان غرفتها، وغابت خلف حجاب الدخان، وغاب معها الأخر، وانسحقتُ لغيابها!

رويدا رويدا خف الدخان، وبدت وكأنها ملاك يتحرك يحوطه غلالة من دخان أبيض، لكنه كان أزرق! وكان الأخر معها يلوثها، تحرك ذاك الأخر وضمها إلى صدره وطبع على شفتها قبلة، مع غياب الدخان، تبدت ملامحه أكثر فأكثر، وبدا شعره الطويل المنسدل خلف ظهره أكثر كثافة، أتحجب الستائر حقيقة الأشياء، أم أن الحقيقة تحجبها العقول؟

كانت ولم يكن، قبْلتْ ولم يُقبِل، ضمتْ ولم يضم، نهلتْ ولم ينهل، كانت هى أخرى، ولم يكن أخر ..

هى لاتستحق أن تكون هى!


Share/Bookmark

الخميس، 28 أبريل 2011

أنا وحبيبتى المؤمنة!

5591.imgcache طلبتْ منى مرارا أن أكتب عنها، كانت تقول لى: محمد، لقد كتبت عن كثيرات، لماذا لاتكتب عنى؟

كنت أقول لها: أنتِ قصة لا تسعُها سطور !

كانت تقول: لاتريد أن تكتب عنى وتتهرب ..

كنت أقول: حبيبتى، أريد ولا أستطيع ..

تكذب .. كانت تقول لى !

لا أكذب، ولكنى أحبك !

إن أحببتنى فاكتب عنى ، أو اكتب لي !

هل يصف القلمُ الله؟

قالت: لا ... قلت لِمَ ؟

قالت الله لامحدود

حبى لك لامحدود !

تتلاعب بالكلمات كى تخدعنى !

حبيبتى، لاتغضبين، فكلى لكِ، عقلى، يدى، كلماتى، جسدى، لكنى لا أستطيع!

ترواغ، تتهرب، لقد كتبت لهنّ، وأنا لست بأقل منهنّ!

هنّ أقل منكِ، أنتِ البدء والمنتهى، أنتِ حقيقتى وخيالى!

مرة أخرى اكتب، أرجوك أن تكتب

منزلتك أعلى، لن أهبط بك من عليائك فى قلبى!

بل اسمو بى بكلماتك عنى!

كلماتى لن تحتويكِ ...

كلماتك ستطفأ غضبى ...

أحبك وأنتِ غاضبة !

لاتحرقنى ببرودك ...

لاتطفأى نار حبى لك بكلماتٍ !

كتبت لها، ولا تحبها!

أغيرةُ منها أكتب، أم حبا لكِ؟

اكتب غيرة وحباً ...

الغيرة تحرق، والحب يحرق، ولا أحتمل النار!

ولكنك داخلها، داخلها ...

خطأ، أنا بداخلها، يوم أحببتك ألقيت بنفسى فى نارك!

نارى؟

حبك يحرقنى، يؤرقنى، يقتلنى ...

طعنتكُ أنا بسكين؟ أوليس صحيحا؟

الطعن من خائن، وأنتِ حبيبتى، هنّ طعنونى فكتبت لهنّ ... أنتِ أحببتكِ فصمتُ!

ولماذا صمتُ؟

الصمتُ فى حرمك عبادة!

اخرس!

أولم ترغبين في الكلام؟

بل اسكت، جسدى ينتفض من كفرك!

الكفر حجاب، وحجابك فرضُ!

اليوم آمنت؟

مؤمن أنا بكِ منذ عرفتكْ ...

أتردد كفرك ثانية؟

احترتُ، هل عندك شيء أخر ؟

اكتب عنى!

أوووووووه، قد كتبتُ..

(أنا أحببتك حقّا

إنّما لست أدري

أنا .. أم أنت الضحيّة ؟. أمل دنقل )

 

Technorati Tags:

Share/Bookmark

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

هذا ماحدث فى جمعة الغضب !

169018_1765355570077_1124780168_32061648_6778895_n فى حياة كل منا لحظات تأبى أن تغادر الذاكرة، فتلتصق بها وتخالطها فتستحيل الذكرى والذاكرة شئ واحد، كلما اعتمل فى داخلك شعور أثار الذاكرة، تداعت تلك الذكرى أمام عينيك، وجاءت فى ثوبها متشحة بفرح أو بحزن.

لكن أن يكون فى حياتك يوم لايمكن أن تنساه، وتأبى ذاكرتك أن ترتاح من تكرار المشاهد والأصوات وكأنك تشاهد فيلما مسجلا، او كأن الزمان قد اختطفك وأعادك إلى هذا اليوم فهو أمر عجيب!

جمعة الغضب، ذلك اليوم الذى انتفض فيه المصريون، وخرجوا بصدور عارية، وآيادى لاتحمل إلا السلام، وقلوب لا يثقلها شئ سوى الحب، غايتهم الحرية، وسلاحهم التلاحم وقوتهم فى حناجرهم الهادرة الزاعقة بالآنين والشكوى.

تتدافع الذكريات الأن، وتتفاعل بداخلى الأصوات والأشكال والصور، وتتدفق الخيالات التى رافقتنى طيلة اليوم، صعب أن تبدأ، وأصعب أن تدرك النهاية، وبين الصعبين مشاق كثيرة، وإنما عزمى على الكتابة أشد، وهمتى اليوم فى عنان السماء، سأقص وأروى لكم ماحدث، ربما هى تجربة عشتها وحدى أو شاركنى فيها الألاف، بيد أنى سأشرك معى كل مصري غاب عن الصورة بعذر أو دون عذر.

فى البدء كانت النار، وكانت النار متأججة فى الصدور، وكانت الصدور تحوى قلوبا حالمة، فحلم ونار أشعلا ثورة .

يوم الجمعة، 28 يناير 2011، الكل متأهب، شباب مصر الثائر يتجهز، وقوات الأمن فى الشوارع منذ الثلاثاء 25 يناير، المصفحات فى كل مكان، قوات مكافحة الشغب تملأ أرجاء مصر، عصى وبنادق وقنابل دخان ورصاص مطاطى، اتشحت مصر بالسواد، حتى خرج الشباب من المساجد بحناجر يملأها الغيظ، وقلوب يغمرها الحزن والأمل، فخلعت مصر ثوبها رويدا رويدا حتى كان يوم رحيل الطاغية!

ليلة الجمعة عقدنا العزم أن نخرج بمظاهرة قوية من منطقة مجاورة لبيتى حتى نربك الأمن، وكان المتفق عليه أصلا بين النشطاء الخروج بمظاهرات ثلاث من مساجد قريبة من شارع البحر، الشارع الرئيسى بطنطا، غير أننا خالفنا الإجماع والحق أننا لم نكن نثق بأحد سوى بأنفسنا، فلا نأمن لحزب ولا لجماعة.

قبل صلاة الجمعة ارتديت ملابسى، وودعت أمى، وكانت دموع أمى توشك أن تهبط على وجنتيها أمامى، لكنها أبدت صلابة وتماسكا، وظلت تدعو لى قبل أن أنزل، فى طريقى للمسجد القريب من بيتى كان الناس يسيرون وكأن لاشئ سيحدث، غير أننى كنت أنظر إلى السماء فأحس بالحرية، بالخوف يتبدد، بالأمل يحيا.

عند المسجد وبعد انتهاء الصلاة، تجمعنا والتحمنا سويا، كان عددنا لايتجاوز الخمسة، وقف الناشط أحمد المصري، وصاح فى الناس: أيها الناس إن لكم إخوة خرجوا فى كل مصر، واليوم فُرض علينا أن نشاركهم، فمن تقاعس فلا حظ له من الحرية، ومن كان معنا فلينضم إلينا، ساد الصمت للحظات، واعترانا وجوم، فلم يحرك أحدا ساكنا، إنما بدأ الناس بالانصراف، نظرت إلى صديقى أحمد وهتفتُ باطل، باطل، باطل، حسنى مبارك، فرد عليا ومن كان معنا من الأصدقاء.

وفى لحظات انضم إلينا بعض الشباب المتحمس حتى صرنا خمسة عشر، أشرت لأحمد لكى ننصرف ونتحرك صوب هدفنا الرئيسى، مبنى المحافظة فى شارع البحر، تحركنا نحن الخمسة عشر، وأصواتنا لاتكف عن الهتاف، وحناجرنا تبلغ عنان السماء، والناس ينظرون إلينا فى عجب، حتى مررنا على مسجد أخر فانضم إلينا البعض، ووقف بعض المتدينيين يرمقونا بازدراء.

قبل الكوبرى الذى نخرج منه إلى ميدان المحطة، انضم إلينا البعض، حتى أنى نظرت فلم أستطع عدّ المتظاهرين، امتلأ قلبى فرحا، ورقص عقلى طربا، وأحسست عندئذ بأننا لن نخسر، وتحطم الخوف بداخلى، وتبددت كل الشكوك التى كانت تعترينى، علا صوتى بالهتاف، وردد الناس ورائى، حتى أدركنا ميدان المحطة.

نظرت إلى ميدان السيد البدوى الواقع على يسار ميدان المحطة فى نهاية شارع طويل، وجدت خشودا ضخمة، تتدافع، وتتلاحم، ويلتصق بعضها ببعض، وكأنهم يبحثون عن شئ يستمدونه من بعضهم، كان هذا الشئ هو صوت هتاف ضد النظام، حين لاحت هتافتنا فى السماء، اندفع هؤلاء نحونا، رأيت الألاف يهرولون صوبنا، وأياديهم ترتفع وكأنهم يبحثون عنا، وهرولنا نحوهم وفى منتصف الشارع ارتطمنا ببعضنا كموجات البحر حين ترتطم ببعضها البعض، كان امتزاجا رائعا، أصوات تزأر بالحرية، ورؤوس تلامس السموات، رؤوس كادت أن تمس الطين فى عصر مبارك.

اندفعنا فى شارع المديرية، وهو شارع طويل يؤدى إلى ميدان الساعة حيث يقع قسم أول طنطا، وكان الصوت الهادر، الشعب يريد إسقاط النظام، موجات من الغضب، حناجر يغمرها الغضب، تئن فى الفضاء بهذا الهتاف، توحدنا جميعا كما لو كنا رجل واحد، الشعب يريد إسقاط النظام، حتى بلغنا قسم أول طنطا، حاول البعض الاعتداء عليه، غير أننا منعناهم وشكلنا حاجزا لحماية القسم، وطلبنا من مأمور القسم ورجاله الدخول إلى القسم وإغلاق البوابات، فامتثل لنا، تحركنا فى شارع البورصة المؤدى إلى شارع البحر، فى ذلك الوقت لم يكن بمقدور أحد أن يقدر عدد الناس فى الشارع، ربما عشرة ألالاف، عشرون ألفا، كان مشهدا كرنفاليا.

فى أول شارع البحر تقف صورة مبارك منتصبة على عمود عالى، ارتقى شابُ العمود وحطم الصورة، وحطم معها خوف الناس، لحظتها أحسست أن مبارك قد سقط، فهؤلاء الثوار لن يرجعوا ولن يستسلموا، وإنما سيموتوا أو سينتصروا.

تحركت الجموع الثائرة فى شارع البحر قاصدين مبنى المحافظة، ومازال الهتاف الشعب يريد إسقاط النظام، الأمهات فى الشرفات تلوح لنا بالنصر، وأطفال صغار يرفعون علم مصر وينظرون إلينا كما لو كانوا يشكون من منع ذويهم لهم من الانضمام إلينا.

هناك، عند مبنى المحافظة كانوا ثائرين، محتشدين، متوحدين، غايتهم معروفة، وقلوبهم متألفة، الشعب يريد إسقاط النظام، فى لحظات من أروع لحظات العمر، تعانقت المظاهرتان، وقد تجاوزنا المئة ألف متظاهر، وظللنا نهتف، ونهتف ..

انتشرت شائعات أن الشرطة تعتدى على الشباب المعتقل منذ يوم الأربعاء، تحركت حشود إلى قسم ثان طنطا، وراحوا يرشقون القسم بالحجارة، فاندفع الجنود والضباط داخل القسم، واعتلى بعضهم سطح القسم، وأغلقوا بوابات القسم، وأطلقوا بعض الرصاصات فى الهواء، إلا أن الشباب لم يخش رصاصهم، واندفعوا نحو سيارات الشرطة فقلبوها وأضرموا فيها النيران، وتصاعد الدخان، وتصاعدت معه نبرة الحماسة.

فتوجه الشباب إلى قسم أول طنطا، وأمطروه بوابل من الحجارة، كان رجال الشرطة يفرون إلى سطح القسم، والسماء تمطر عليهم حجارة، حتى اقتحم بعض الشباب القسم، وأضرموا النيران فى غرفة المأمور، وغرفة الاستيفا، عندئذ علّت النيران فى السماء، وهلل الواقفون، فتحمس البعض وصعدوا إلى الدور الثانى من القسم، وأضرموا النيران فى باقى القسم، كنا نسمع صوت طلقات رصاص لكننا لم نعرف هل وقعت إصابات أم لا.

على سطح القسم كان أمناء الشرطة يلقون الباريهات علينا، ويصيحون ويولون كما النساء، حتى إن أحدهم خلع لباسه الشرطي بالكامل وألقاه للشباب .

خرج رئيس المباحث من داخل القسم، وله تاريخ شديد السوء، من البلطجة على البائعين والبسطاء، فاعتدى عليه بعضهم، وأوسعوه ضربا، وأخرجوا ضابطا أخر وأرغموه على الهتاف ضد حسنى مبارك، محمولا على أعناقهم.

عندئذ كانت جموع المتظاهرين تفرقت فى مختلف الشوارع، والهواء مطمور بالدخان الأسود، يمازجه نسيم الحرية الذى استنشقه هؤلاء الثائرون.

كان يوما بديعا، استمر إلى أبعد من ذلك، لكنى سأتوقف هنا، لعل يأت من بعدى من يستكمل سطور تلك القصة، التى لم يكتب لها بعدُ النهاية.

تحية إلى كل أب وأم قدم شهيدا فداء لحرية الوطن.


Share/Bookmark

الأربعاء، 20 أبريل 2011

طالب جامعى يحرج عمرو موسى داخل جامعة طنطا


Share/Bookmark

الجمعة، 15 أبريل 2011

ميلشيات الديكتاتور بشار الأسد تهين المتظاهرين السوريين Bashar Al Asad's dogs insults the great Syrian people

 


Share/Bookmark

الأحد، 10 أبريل 2011

ماذا يريد مبارك من خطابه ؟

436x328_95173_144947 السباحة ضد التيار، والتغريد خارج السرب، عادة مايكون جالبا للمشاكل لمن سبح أو غرد. آية ذلك أن الدفاع عن الجيش كمؤسسة مصرية وطنية بات أمرا يجلب التخوين لصاحبه، والكلام عن انضمام المجلس العسكري للثورة غدا مدعاة للإتهام بالعمالة والارتماء فى حضن المجلس العسكري، والرغبة فى الحصول على منفعة لم يكن متاحا الحصول عليها إبان عهد الرئيس المخلوع، لذلك أود ممن يقرأ تلك الكلمات، ألا يظن أنى راغب فى شهرة ولا مال، ولا أنى أنافق المجلس العسكرى، ولا الجيش، رغبة أو رهبة، فما خفت يوما فى عهد مبارك، فمن المنكر أن أخاف الأن، ومصر قد نفضت عنها غبار الذل.

إن خطاب مبارك اليوم يحمل عدة رسائل، وله دلائل عدة، يمكن فهمها على نحو نتهم فيه المجلس العسكري بالخيانة والعمالة لنظام مبارك، ونحو يؤمن قليلا بالتعقل والتروى والتحليل لمضمون الخطاب.

بدا مبارك فى خطابه متعبا، صوته يحمل الكثير من الألم، وقلبه مطمور بالحقد، فالرجل لم يكن يتخيل تلك النهاية، وعلى يد شباب مصر بتضامن وتأييد من جيشها الباسل.

ورجل مثل مبارك قد بلغ من العمر أرذله، وانتهى به الحال إلى أن يكون رئيسا مخلوعا، ورأى الذين حوله يتهمونه بإفساد كل شئ فى مصر، حتى أقرب المقربين له خرج على الناس زاعما أنه كان معارضا لسياساته، رغبة منه فى نيل شرف المعارضة فى زمان هذا الطاغية، ورأى المنافقين وخدام نظامه يمضغون الكلام عن جرائمه بحق أو بباطل ليل نهار، ورأى مصر فى يوم الاستفتاء وهى ترفع رأسها فى عزة وشموخ، قائلة له لقد طعنتنى بسكين بارد طوال ثلاثين عاما، لكنى لم أمت، إنما أنا أم البلاد حية مادامت الدنيا باقية، وسأنهض وأقوم لأنك رحلت بوجهك الكئيب عنى.

مبارك الأن جريح، أو بالأحرى رجل يحتضر، وتأكله الرغبة فى الانتقام من الذين خلعوه، والذين ضغطوا عليه ليرحل، غبى من يظن أن مبارك كان سيرحل دون ضغط من الجيش، ودون ضغط من العالم الخارجى، فمبارك كما نشرت العديد من الصحف كان ينوى الاستمرار ولو على دماء الألاف الشهداء فى مصر، وعلمنا أنه قد أصدر أوامر للجيش بإطلاق النار على المعتصمين، غير أن جيشنا العظيم رفض أن يسدد رصاصاته فى صدور أبناء شعبه، وأبى أن يرتدى ثوب العار إلى نهاية العالم.

من المهم أن ننظر فى توقيت بث الخطاب، بل هو الأهم من كل ماجاء فى الخطاب، إن توقيت الخطاب جاء فى الوقت الذى اشتعلت فيه نار الفتنة بين المجلس العسكرى والثوار، وبدا أن ثمة نيران تتحرك تحت الرماد بين الطرفين، وأن هذه النار إن لم يتداركها الطرفين فمصر مقبلة على فتنة عظيمة.

أزعم أن مبارك أراد أن يزيد فى توسيع الهوة بين المجلس والثوار، وأن يزيد النار اشتعالا، فخرج فى ذلك التوقيت عامدا، ليخرج لنا لسانه موحيا لنا بأنه بخير وأنه سيفلت من العقاب، وأن أمواله ليست تحت طائلة المحاكمة، بل أكثر من ذلك إنه يزعم أنه على استعداد للتقدم بنفسه للنائب العام للتحقيق فى ثروته، فى تحدى سافر للثوار الذين يطالبون بمحاكمته.

مبارك سيحاكم، ولن يحاكم فقط على جرائم إهدار المال العام والتربح، وإنما سيحاكم على قتل المتظاهرين، وسيحاكم على إفساد الحياة السياسية فى مصر، مبارك رجل طاعن فى السن، يدرك أنه إلى زوال، غير أنه يود أن يشعل مصر قبل أن يرحل عن عالمنا، ليثبت للعالم أن خيار مبارك أو الفوضى كان صحيحا، وأن مصر لاتستحق الديمقراطية.

وخروج النائب العام عقب الخطاب مباشرة ليطلب مبارك للمثول أمامه للتحقيق فى البلاغات المقدمة ضده، وتأكيده أن خطاب مبارك لن يؤثر على مسار التحقيقات، وأن مبارك سيحاكم على إهدار المال العام وقتل المتظاهرين، رسالة إلى من يريد أن يعى، أن مبارك لن يفلت من العقاب، مهما كانت الضغوط، ومهما كانت الأسباب.

ولايغيب عن الأذهان أن قناة العربية ( السعودية ) هى التى أذاعت خطاب مبارك، ولاننسى دور العاهر السعودى فى دعم نظام مبارك إبان الثورة المصرية، وعرضه 5 مليارات دولار لدعم نظام مبارك إذا مامنعت الولايات المتحدة المعونات الممنوحة لمصر.

علينا أن ننتبه وأن ندرك أن الوقت الذى تمر به الثورة، هو أقسى اللحظات التى مرت بها، وهى حالة ستنتهى، ولكنى أتمنى أن تنتهى إلى خير، إلى يد تحرث ويد تحمى، جيش وشعب يد واحدة، ضد ظلم وقهر.

وعلى المجلس العسكري أن يعجل بمحاكمة مبارك، وأبنائه وزوجته، وكل رموز نظامه السابقين، بصورة عاجلة عادلة.

سأظل أكرر ماحييت أن الجيش حمى هذه الثورة، وأن الجيش رفض إطلاق الرصاص على المعتصمين، ولنا فى جيوش عربية أخرى عبرة، ومجحف من ينكر دور القوات المسلحة المصرية على مدار التاريخ فى حماية مصر من الداخل والخارج.


Share/Bookmark

السبت، 9 أبريل 2011

أرجوكم لاتحطموا ثورتنا.. الجيش والشعب إيد واحدة!

app_full_proxy.php يعدُ نوعا من التطرف والجحود، الإنكار الذى يلقاه الجيش المصري لدوره فى الدفاع عن الثورة، وثمة أمرا ينبغى التنبيه عليه أولا، أن المجلس العسكري ليس الجيش المصري، فالجيش المصري انضم للثوار وحمى ثورتهم ودافع عنها.

ولايجرمننا اختلافنا مع المجلس العسكري على أن نذكر دوره فى الثورة، فالمجلس العسكري أعلن منذ اليوم الأول انضمامه للثورة، واتخذ اجراءات تدل على وقوفه مع الثورة، نعم لابد أن نعترف ببطء تلك الإجراءات، وإنما إنكار كل ماقدمه المجلس منذ اليوم الأول للثورة إجحاف لايصح فى هذا المقام .

نختلف مع المجلس العسكري كحاكم للبلاد، مثلما اختلفنا وسنختلف مع أى حاكم أخر، فالاختلاف السياسى أمر وارد وحتمى، فلن نرضى عن كل القرارات السياسية للمجلس العسكري بصفته حاكما للبلاد، وانتقادنا يكون سياسيا موجها إلى المجلس الحاكم وليس إلى الجيش الحامى.

إن اختلافنا حول بطء القرار، وبطء المحاكمات لرموز النظام السابق لاتعنى تشكيكا فى وطنية المجلس العسكرى، وإنما يعنى قلقا على دماء الشهداء التى قدمتها الثورة لكى تظفر مصر بحريتها، فالتعجيل بمحاكمة رموز النظام السابق، وعلى رأسهم حسنى مبارك وعائلته، وبذل الجهد لاستعادة الأموال المنهوبة، وتطهير مصر من رموز نظام مبارك، كقيادات الإعلام والمحافظين وعمداء الكليات، أمور يتعين على المجلس العسكرى الإسراع فى اتخاذها، حتى تضيق الهوة التى تتسع يوما بعد يوم بين المجلس والثوار.

أخشى أن ينجرف الثوار لمعركة ليست معركتهم الحقيقية، فمعركتنا لأجل حرية مصر، وليست لإزاحة قيادات الجيش عن مناصبها، ربما يكون الجيش به فساد وعطب مثل باقى مؤسسات الدولة فى عهد مبارك، ولكن هل الحكمة تقتضى الأن المطالبة بإسقاط المشير، وإزاحة المجلس العسكري؟ أهى دعوة للهدم دونما تفكير فى البناء؟

إن الهدم دون بناء متوازى سيؤدى حتما إلى انهيار البلاد، والجيش المصري أساس وطننا الغالى، فإذا أصاب هذه المؤسسة التوتر الذى سيؤدى حتما إلى شلل فى أركانها فهذا منذر بإنهيار الدولة بكامل أرجائها وهذا مايتمناه الخائفون من نهوض مصر.

علينا أن ندرك جيدا أن الجيش التحم معنا ووقف بجانبا، وأن المجلس العسكرى له دور وطنى مشهود فى الثورة، مع اعتراضنا على بطء قراراته والغموض الذى يكتنف صنع القرار، لكن إزاحة المشير لاتعنى الحرية، وإبعاد المجلس العسكرى لاتعنى الانتصار.

الانتصار الحقيقى للثورة هو تطهير مصر من نظام مبارك، ومحاكمة كل الفاسدين فى العهد البائد، واستعادة ثروات مصر المنهوبة، كى يرقد إخواننا الشهداء هانئين بدمائهم الذكية حين يرون مصر وهى تنهض من رقادها لترفع رأسها شامخة وسط العالم أجمع .

إن ثورتنا لم تكتمل بعد، وثمة من يريدون لها ألا تكتمل، وغبى من يظن أن مبارك ونظامه وأمريكا وإسرائيل راضون عن الثورة، فإسرائيل وأمريكا لاتريد لمصر أن تنهض، والسبيل الوحيد لاستمرار نومها العميق الوقيعة بين الجيش والشعب، وبين المجلس العسكرى الحاكم والشعب، فانتبهوا وتيقظوا فإن الثائر الحق لايغفل، ولايساق إلى مايضر بثورته.

بقى أن أؤكد على الرفض التام للاعتداء على أى مصرى تحت أى مسمى، فمهما عظم دور الجيش المصرى، ومهما احترمنا المجلس العسكرى الحاكم، فهذا لايعنى الموافقة على الاعتداء على الثوار، أو محاكمتهم عسكريا، فكرامة المصري خط أحمر لاينبغى تجاوزه بأى حال من الأحوال.


Share/Bookmark

الجمعة، 8 أبريل 2011

بالصور: تغطية لمظاهرات الثوار فى جمعة التطهير والمحاكمة


Share/Bookmark

السبت، 2 أبريل 2011

مناقشة حول المادة الثانية ونسبة العمال والفلاحين

5446308928_688e5671fbتصوير: حسام الحملاوى

بعد انتظار طال للإعلان الدستورى، أذاع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإعلان الدستورى، والذى جاء فى اثنين وستين مادة، على عكس ماكان متوقعا من قلة عدد مواده، لأن العادة قد جرت بأن الإعلان الدستورى لايزيد على عشرين مادة كما بيّن فقهاء الدستور وأساتذة قانونيون.

أثار الإعلان الدستورى لغطا كبيرا بين النشطاء والمثقفين، لاسيما والخطوة التى اتبعها المجلس الأعلى فى الإعلان الدستورى أصابت الجميع بالذهول، فالإعلان الدستورى بمثابة رفض للتعديلات التى طرحت للاستفتاء ووافق عليها غالبية المصوتين، فالتعديل عادة مايكون على أصل، فإذا وافق الناس على التعديل فهذا إيذانا بعودة الأصل فى ثوب جديد، أما وأن يعلن المجلس العسكرى إعلان دستورى فذلك يعنى موت الأصل والتعديل أيضا، وإن تضمن الإعلان ذلك التعديل المصوّت عليه.

على كل حال جاء الإعلان ليثير حوارات ونقاشات حول بقاء بعض المواد فيه، وانقسم الناس معسكرين مرة أخرى، فبين معسكر يدافع عن بقاء مادة وأخر يرفض بقائها، وكان الأبرز إثارة للجدل بين المواد الباقية المادة الثانية من الدستور وإن أخذت بُعدا سياسيا وقانونيا وبَعدتُ فى الغالب عن الحوار الطائفى، كذلك المادة الثانية والثلاثين والتى تنص على بقاء نسبة العمال والفلاحين داخل مجلس الشعب.

ولذا أحببت أن أدلى بدلوى فى الحوار الدائر فى إطار الاختلاف فى الأراء لايستلزم تكفيرا سياسيا ولا ردة حقوقية.

المادة الثانية من الدستور

إن المادة الثانية للدستور من أكثر المواد إثارة للجدل منذ عدّل الرئيس السادات الدستور فى عام 80 وانقسم الفقهاء الدستوريون والسياسيون قسمين، قسم يؤيديها ويدعمها ويرى أنها ضمانة لهوية الدولة، وحفظا لحقوق الأقلية، بينما يرى الأخرون أنها تديين للدولة، وتمييز بين مختلف جموع الشعب والتى تضم بطبيعة الحال غير مسلمين.

واستمرت المطالبات إما بعودة المادة إلى أصلها أن الإسلام مصدر رئيس للتشريعى وليس المصدر، بينما طالب المؤيديون بإعمال المادة بأثر رجعي حيث تخضع كل القوانين السابقة على التعديل لسلطان هذه المادة، وذهب الرافضون بعيدا وطالبوا بإلغائها بالكلية، وعودة الدولة إلى مدنيتها مع الحفاظ على هويتها دون تمييز بين مواطن وأخر.

إن بقاء المادة الثانية أو حذفها إذا ظلت كما كانت لن يؤثر على الحياة العامة فى مصر، مادام تطبيقها فى حدود مبادئ الشريعة، وليس الشريعة بكاملها، فالإسلاميون الذين يطالبون ببقائها ويرون أنها رادع لأهل الفسق وتغليبا للمسلمين على غير المسلمين لايدركون أن ثمة مواد أخرى فى الدستور لن تحقق لهم تلك المآرب التى يعملون على الوصول إليها، ظنا منهم أن المادة الثانية ستعيد الدولة الإسلامية والجزية والخلافة وأهل الذمة.

إن الخلاف حول هذه المادة يرجع فى أصله إلى أن الإسلاميين يرونها طريقا لعودة سيطرتهم على البلاد وتطبيق الشريعة، بينما يخشى الأقباط والعلمانيون التفرقة المحتملة إذا ماطبقت الشريعة على نهج الإسلاميين، إذن فالخلاف حول المادة الثانية هو خلافا حول حقوق المواطنة وحول هوية الدولة .

إننا إذا أعدنا قراءة التعديلات وجدنا مايريح الخائفون ويردع الحالمون، فقد جاء فى مادته الأولى أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة، بما يعنى أن نموذج الدولة الدينية أو دولة الخلافة أمر غير مقبول من الناحية الدستورية، لاسيما والدولة الدينية هى دولة تقوم على الشورى وليست الديمقراطية، فالشورى مرجعها إلى أهل الحل والعقد، بينما الديمقراطية مرجعها إلى الشعب، الذى هو صاحب السيادة، كما ورد فى المادة الثالثة من الإعلان.

كذلك ورد فى المادة السابعة مانصه المواطنون لدى القانون سواء ، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وهذه المادة تبديدا لآمال الحالمين بالتفريق بين المواطنين على أساس الدين، حيث أن المواطنة لاتعرف أهل الذمة، ولا تعرف الجزية، فالمواطنون لدى القانون سواء.

ورد أيضا فى المادة الثانية عشر مانصه تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية، إذا ماربطنا هذه المادة بالمادة السابعة، فلا ضير أن تبقى أبدا المادة الثانية من عدمه، فالمادة هنا بالنسبة لى على الأقل لا قيمة لها سوى أن تعلن أن مبادئ الإسلام مصدر رئيسى من مصادر التشريع وإن بقيت الألف واللام.

نسبة العمال والفلاحين

حين أذيع الإعلان الدستورى اجتاح البعض الذهول من بقاء المادة الثانية والثلاثين، والتى تنص على بقاء نسبة العمال والفلاحين، غير أن البعض الأخر اعتبر هذه المادة فوق دستورية ولا يجوز المساس بها، حتى أصبحنا أمام مادتين فوق دستوريتين فى هذا الدستور، المادة الثانية، والمادة الثانية والثلاثين، فالمادة الثانية بالنسبة للتيار الإسلامى حياة أو موت، والماة الخاصة ببقاء نسبة العمال والفلاحين تمثل لليسار خلاصا من سطوة رجال الأعمال وسيطرة رأس المال على العمال.

تنص المادة الثانية والثلاثون على أن يُشكل مجلس الشعب من عدد من الأعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين ، ويكون إنتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السرى العام . ويبين القانون تعريف العامل والفلاح، ويحدد الدوائر الانتخابية التى تقسم إليها الدولة .

وعلى هذا اعتبر المؤيديون لبقاء المادة أنها ضمانة لحقوق العمال والفلاحين، وذلك لأنها تضمن لهم تمثيلا تحت قبة البرلمان، ومن ثم يجدوا من يدافع عن حقوقهم التى يهدرها رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال.

أصل هذه المادة جاء بعد ثورة يوليو 1952 لضمان حقوق العمال والفلاحين، ولكن هل ضمنت هذه المادة حقوق العمال والفلاحين فعلا فى أيّ من الحقب الثلاثة الماضية ؟

الواقع والتاريخ يؤكدان أن هذه المادة لم تأت إلا ببعض المنتفعين وأصحاب رؤوس الأموال تحت قبة البرلمان للدفاع عن حقوقهم، والعمل بكل مايملكون من جهد لإصدار تشريعات تضمن استمرار سيطرتهم على العامل واستعباده دون الوفاء بحق هذا العامل.

ثم إن ثمة سؤال ينبغى أن يطرح، ماهو دور البرلمان؟

إن دور البرلمان أو مجلس الشعب فى كل العالم إصدار التشريعات والقوانين التى تسير الحياة العامة فى البلاد، ومن ثم ينبغى أن تتوافر فى عضو مجلس الشعب صفات تؤهله لأن يناقش القوانين التى تسن، وإذا ماكان الهدف من هذه المادة هو وجود مجموعة من العمال والفلاحين لايدركون حقيقة البرلمان ودورهم بداخله، المهم أن يمثلوا زملائهم فحسب، فهذا إهدار لحق العمال والفلاحين، لأنهم لن يجدوا مقاتلا شرسا يدافع عن حقوقهم، ويقف لأصحاب رأس المال الذين يعملون على سن التشريعات التى تسهل لهم سلب حقوق العمال، والسيطرة عليهم.

هذا لايعنى أن كل العمال والفلاحين جهال لايدركون، ولكن إذا كان هناك عامل نابه، أو فلاح ذكى، لماذا لايترشح كشخص طبيعى، مواطن مصري لديه مؤهلات تجعل بمقدوره أن يقف تحت قبة البرلمان ليناقش القوانين والتشريعات.

إن الضمانة الأساسية لحقوق العمال والفلاحين ليست أبدا تلك النسبة، إنما النقابات المستقلة التى يمكنها أن تحشد الألاف العمال فى لحظات للدفاع عن حقوقهم، وكذلك وجود مادة دستورية وليست قانون تنظم حق العمال فى الإضراب، وكذلك الإضراب التضامنى، فسلاح الإضراب سلاح مؤلم لصاحب رأس المال، وإذا كان الأمر منظم على نحو يبعد السلطات الأمنية من انتهاك حق الإضراب فهذا أكبر ضمان.

كذلك إذا كان هناك عضو مجلس شعب متعلم ومثقف وليس من الطبقة العاملة، هل هذا يعنى أنه سينحاز إلى رجال الأعمال؟ ألم يكن هناك الكثيرون من المثقفين الميسورين يدافعون عن حقوق العمال؟ هل نسينا أن عديد من قيادات اليسار أناس ميسورى الحال، ولكنهم أبوا أن يتمتعوا بالمال بينما يعانى العمال من الفقر والظلم.

وعلينا ألا ننسى أنه فى النظام الديمقراطى ثمة محاسبة ومسائلة، فإذا ترشح عضو مجلس شعب عن دائرة ولم يقدم لأهل دائرته شيئا فثمة دورات قادمة يمكنهم أن يأتوا بأخر يدافع عن حقوقهم.

والضمان لأن يأتى عضو مجلس شعب ممثل حقيقى لأهل الدائرة، أن يشترط أن يكون عضو مجلس الشعب مقيما فى بلدته وليس خارجها، حتى لانرى أناس لم يدخلوا دوائرهم منذ سنوات سحيقة قد ترشحوا فى تلك الدوائر وببعض الوعود البراقة يسلبون الكرسى من أهل الدائرة.

ومتى كان عضو مجلس الشعب من أهل الدائرة ويقيم بينهم، فإذا كانت الدائرة غالبيتها فلاحون فسيكون فلاحا، وإن كانت غالبيتها عمال فسيكون عاملا، أو على الأقل مدافعا عن حق هؤلاء وهؤلاء، وفى النهاية الصندوق سيف مسلط على رقبة كل متهاون فى حق أهل دائرته.

إن تمييز العمال والفلاحين عن باقى طبقات الشعب أمر غير مقبول، والدفاع عن حقوقهم حق لنا جميعا، وليس حق لهم وحدهم.


Share/Bookmark

الاثنين، 28 مارس 2011

عمرو موسى ظاهرة صوتية !

amr-moussa يطرح السيد عمرو موسى نفسه كمرشح رئاسى طامحا فى الوصول إلى كرسى الحكم فى الانتخابات القادمة، يلقى السيد موسى قبولا فى الشارع المصري لاسيما بين البسطاء، وذلك لأنه يحسن الكلام باللغة العربية، ويعرف نفسية الشعب المصري فيجيد اللعب على وتيرة العاطفة عند الشعب بحيث ينطق بكلمات يبدو للبعض أنها تحمل شجاعة وقوة فى مواجهة الصهاينة بينما هو بين المثقفين وأمام الشباب الواعى يؤكد أن إسرائيل أمر واقع وليس من الحصافة الدخول فى صراع معها.

تخرج عمرو موسى من كلية الحقوق عام 1957 م والتحق بالعمل بالسلك الدبلوماسى المصري بعد عام من تخرجه ومن ثم تدرج فى المناصب حتى بلغ منصب وزير الخارجية وقد حافظ على منصب وزير الخارجية لعشر سنوات إبان عهد مبارك، وهو مايضع علامات استفهام كبيرة حول دور عمرو موسى فى السياسة الخارجية المصرية، فكما هو معلوم أن مبارك لم يكن يقرب منه أحدا أو يقلده منصبا إلا وهو خادم مطيع لسياسة مبارك سواء الداخلية فى الإفساد الممنهج للدولة المصرية، أو خارجيا فى إبداء المرونة واللين مع الأمريكان والصهاينة والشدة والقسوة مع المعادين للدولة الأمريكية والدولة العبرية.

بقاء عمرو موسى عشر سنوات فى هذا المنصب دليل على قربه من مبارك، وأنه كان خادما أمينا للرجل الذى قلده منصبه، ومن ثم لم نرَ موقفا لعمرو موسى طوال عشر سنوات نذكر فيه أنه أدان تدخلا أمريكيا فى المنطقة، ولا عربدة إسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية، بل كان يحسن الكلام فى الإعلام واهما البسطاء بأنه الرجل العنترى فى نظام مبارك.

والحق أن الأستاذ عمرو موسى لم يكن أكثر من موظفا عند مبارك، فمتى وقف السيد عمرو موسى رافضا أمرا من سياسات مبارك؟ هل رفض عمرو موسى بيع الغاز المصري لإسرائيل بدراهم معدودة؟ هل رفض عمرو موسى التعذيب الممنهج فى عهد مبارك؟ هل وقف عمرو موسى وقال لمبارك يكفيك ماأخذت من سنين وعليك أن تترك الفرصة لغيرك ؟

ماهو موقف عمرو موسى من غزو العراق؟ ماهو موقف عمرو موسى من تقسيم السودان؟ ماهو موقف عمرو موسى من العدوان الصهيونى على غزة؟ ماهو موقف عمرو موسى من العدوان الصهيونى على لبنان؟

إن السيد عمرو موسى حينما سئل عن صوته لمن سيذهب فى الانتخابات الرئاسية القادمة، أكد أن صوته لن يذهب إلا إلى الرئيس مبارك، فهذا الرجل لم يتجرأ طوال فترة عمله مع مبارك، أو حتى بعدما لهث خلف منصب أمين جامعة الدول العربية لم يعارض مبارك يوما، ولم يفكر يوما فى قول كلمة حق فى وجه سلطان جار على البلاد والعباد.

أتذكر الأن يوم نزل السيد عمرو موسى إلى ميدان التحرير والتقى الشباب، الذى يهبط الأن على ثورتهم بالبارشوات من سماء الحزب الوطنى ليظفر بثورتهم ويحلق بها بعيدا وحيدا، قال لهم السيد عمرو موسى عليكم أن تخلوا الميدان، وقد حققتم مطالب عديدة، وطالبهم باستكمال نضالهم عبر التفاوض مع النظام السابق.

هذا الرجل الذى يجرى الأن تلميعه بصورة مثيرة فى الإعلام، فى حين يغيب الدكتور البرادعى عن الواجهة الإعلامية تماما خلا لقاء مع المذيع اللامع يسرى فودة، يقلقنى بأكثر مايقلقنى فلول الحزب الوطنى، فهذا الرجل قادر على إعادة هيكلة رموز الوطنى فى الدولة، ولا يمكننا أن نتغافل عن أن عمرو موسى ظل يعمل طوال عمره فى نظام مبارك، فحين يفكر فى بناء دولة لن يفكر فى بنائها إلا على ماتربى عليه فى المدرسة المباركية.

إن عمرو موسى وإن كان مرشحا قويا ذات شعبية كبيرة فى الشارع المصري، لكنه فى الحقيقة يذكرنى بعنوان لإحدى كتب المفكر عبد الله القصيمى وهو العرب ظاهرة صوتية، لكنى حين أرى عمرو موسى أتأكد أن عمرو موسى ظاهرة صوتيه سرعان ماستتحول إلى ظاهرة مباركية .


Share/Bookmark

الأحد، 20 مارس 2011

تحية إلى أبى الروحى !

البرادعي شأنى شأن الكثير من المصريين كنت مهتما بالسياسة، أقرأ الجرائد، أتابع البرامج الحوارية، لكن لم أستطع يوما أن أكون مشاركا وفاعلا فى الوسط السياسى، كنت أجيد المشاهدة والتعليق، طالما أنى فى دائرة الأمان، ومادمت بعيدا عن أيدى أمن الدولة.
 
غير أن شيئا ما قد أوقعنى فى صراع مع نفسى لم يكن بمقدورى أن أتحمل ذلك الصراع الداخلى، فوجدت نفسى بين يوم وليلة مشاركا وفاعلا فى الوسط السياسى ربما ليس بالقدر الذى قد يجعلنى فى صدارة المشهد السياسى الشبابى، لكن لكل منا طاقة مطالب أن يعطى على قدرها، وأظن أنى فعلت.
 
دشنت مدونة على الشبكة العنكبوتية، واشتركت فى موقع الفيسبوك، وبدأت أنضم إلى العديد من الجروبات السياسية، أتابع عن كثب مايدور، أقرأ مايكتب، أحاول أن أشترك فى الحوارت، حتى جاء اليوم الذى ذهبت فيه إلى اجتماع مع مجموعة من الشباب لنتفق على الشكل الذى سنعمل به فى الفترة القادمة لتغيير مصر، كان حلم جنوني فى ذلك التوقيت، قوبلنا بوابل من الإحباطات والسخرية، كثيرون يسخرون منا، أنتم تستيطعون أن تغيرون مصر ؟ غيّروا أنفسكم أولا.. أنتم مجموعة من الشباب الفارغ تريدون أن تصنعوا شيئا يملأ فراغكم.
 
سمعنا كثيرا، وتحملنا الكثير، تحملنا المضايقات فى الشارع من الرافضين لنا، تحملنا قذارة أمن الدولة، من اختطاف للنشطاء، واتصالات للأهالى تتوعدهم إن لم يجلس أبنائهم فى البيوت ويبتعدون عن العمل السياسى، تحملنا جهدا ووقتا كنا نقدمه لأجل هذه البلد.
 
لست أذكر تلك الكلمات لأمنّ على مصر، فخير مصر علينا أكبر من أن نظن أننا نستطيع رد جزء بسيط منه، ولكنى أذكره لأنى اليوم تألمت ألما شديدا، حين رأيت الشئ الذى دفعنى للخروج من دائرة المشاهدة إلى دائرة الفعل، وقد تنكر له الناس، وآذوه، فى الوقت الذى كان يجب أن يكرم على ماقدمه لبلده.
 
نعم إن هذا الشئ الذى حركنى هو الدكتور محمد البرادعى، الرجل الذى قال منذ اليوم الأول نريد تغيير النظام بالكامل، الرجل الذى قال سأعتمد على الشباب، الرجل الذى تحمل أقذر حملة تشويه قادتها ضده وسائل إعلام مبارك، والذى مايزال على رأسها كل من شوه صورة هذا الرجل النقى.
 
حين أصدر الدكتور البرادعى بيانه من فيينا بعزمه الترشح للرئاسة إذا ماتوافرت الشروط اللازمة لذلك، دبت روح الأمل في مرة أخرى، وتبددت المخاوف والهواجس المرعبة، وتكسر اليأس على صخرة الأمل، وبُعثت فينا روح جديدة، أخرجت ألالاف من الشباب إلى الشوارع، بعدما كانوا يكتفون بالمشاهدة مثلى.
 
خرجت وكلمات البرادعى ماثلة أمامى، قوتنا فى عددنا، قطار التغيير تحرك، التغييرعمل جماعي يتوقف على وحدة الصف وقوة العدد وتوزيع الأدوار. دفعتنى كلماته لأن أتعاون مع الليبرالى واليسارى والإسلامى، لم أكن أفكر آنذاك سوى فى التغيير، كيف نتخلص من هذا النظام الفاسد.
 
كان اليأس يحدونى فى بعض المواقف، غير أن بعض الكلمات من هذا الرجل كانت تجدد الأمل بداخلى، كانت تدفعنى لأن أستمر وأواصل العمل، لم أكن راضيا عن كثير مما يحدث فى الوسط السياسى، بيد أنى صممت على تحقيق الهدف وكان الدافع وراء ذلك تلك الإرادة والثقة اللتان رأيتهما فى عيني الرجل حين التقيت به فى عدة مناسبات.
 
رأيت كم كان هذا الرجل بسيطا حين يتكلم معنا، رأيت كيف يتعامل معنا ويقبل منا نقد شديد القسوة، ومع ذلك لم ينفعل علينا يوما، ولم يتراجع يوما، ولم يهادن يوما، كانت كلماته واضحة، ومواقفه أشد وضوحا، يوم قال سنقاطع الانتخابات، اهتز النظام وسارع إلى عقد الصفقات مع بعض القوى السياسية " المتعاونة " واستمر الرجل يدافع عن رأيه ويؤكد أن المقاطعة تحرج النظام، غير أن بعض القوى صممت على المشاركة وكانت النتيجة فضيحة، مجلس مزور بكامله.
 
ولم يحاول الرجل الشماتة فيمن شاركوا بل استمر يدعوهم لمقاطعة جولة الإعادة، ودخول جولة جديدة من الصراع مع النظام الفاسد، وهكذا رأيت الرجل يعلن مواقفه بوضوح وصراحة، ويصمم عليها، ويعلن احترامه للأخرين الذين يخالفونه فى الرأى.
 
كان المتوقع لدى على الأقل بعد انتهاء ثورتنا، أن يرفع هذا الرجل فوق الرؤوس، وأن يكرم فى بلده التى عانى منها الجحود كثيرا طوال عهد حسنى مبارك، إلا أن صدمتى كانت شديدة حين رأيت الرجل يُتهم بالعمالة والخيانة والطمع فى منصب.
 
بل يصل الأمر إلى حد الجنون أن يحاول مجموعة من البلطجية بمعاونة بعض المخدوعين من الشعب الاعتداء على الرجل، ويمنعونه من الإدلاء بصوته فى الاستفتاء، ويتهجم عليه بعض الإسلاميين فيصفونه بأنه ملحد وابنته يهودية وزوجته إيرانية، ولا أعرف كيف اجتمعت كل هذه الديانات فى أسرة واحدة ؟!
 
إن الدكتور البرادعى قدم لمصر الكثير، ولم يكن يحلم بشئ سوى أن يرى بلده تنهض من رقادها الطويل، وترفع رأسها بين الأمم، ولايمكن أبدا أن يكون مصير هذا الرجل تلك الإساءة والجحود والنكران الذى يلقاهم من أبناء وطنه.
 
سأظل أذكر لهذا الرجل فضله، فهو الذى حركنى وغيّرنى وجعلنى اليوم أكتب لكم وأتفاعل معكم، فتحية إلى هذا الرجل العظيم.. تحية إليك ياأبى الروحى .

Share/Bookmark

الجمعة، 18 مارس 2011

«نعم» طريقك إلى الجنة !

للب إذا أردت أن تسبر غور شيئا ليتبين لك كنه هذا الشئ ، فألقى به فى براثن التجربة الواقعية، بعبارة أخر إذا أردت أن تكشف شيئا فضعه فى موقع الفاعل حتى تتبين لك حقيقته، ينطبق ذلك المثل على الجماعات الإسلامية التى عاشت تحت الحظر والحصار طوال عهد حسنى مبارك، فالجماعات الإسلامية كانت فزاعة يستخدمها النظام ليرعب بها الداخل والخارج.

لذا كان لابد بعد سقوط نظام حسنى مبارك أن تخرج هذه الجماعات من حظيرة المنع والإقصاء، إلى أفق الحرية والتعددية، وكان لابد لنا من دعم ظهور هذه الحركات كى نختبرها ونسبر أغوارها، فندرك حلوها ومرها، وخيرها وشرها.

والحق أن تلك الجماعات مالبثت أن كشفت نقابها سريعا، وأفصحت عن مكنونات نفسها بوضوح لا يعرف المواربة، فمصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الوطن، وتطبيق الشريعة فوق الحرية وفوق العدالة، ودين الدولة فوق كل شئ فى الدولة، ولا حرج فى إراقة الدماء لأجل إعلاء كلمة الله، هذه محصلة مارأيناه طوال الأيام الماضية، من شتى الفرق الإسلامية التى طرحت نفسها على الساحة، سواء من كان منخرطا أصلا فى الحياة السياسية، أو من دخل هذا العالم حديثا كطفلٍ رضيع يحبو لايدرك مسالك هذا العالم.

وأعجب من ذلك كله أن نتجرع من تلك الجماعات ماتجرعوه هم على مدار العقود الماضية، فتهم التخوين والعمالة والعمل لصالح أجندات غربية مافارقت ألسنة هؤلاء فى مقالاتهم وكلماتهم، رغم أن الجميع رفض اتهامهم بالعمالة، وطالب الكل بالاختلاف فى إطار جماعة وطنية، لكل منا رأيه ولا نخون بعضنا بعضا.

غير أن مارأيناه كان شديد الغرابة، والمفارقات هنا لاتخلو من العبثية، حيث إن تلك الجماعات اتفقت على موقف واحد إزاء تعديل الدستور، بينما الأخرون انقسموا على أنفسهم بين مؤيد ومعارض، ومع ذلك تتهم تلك الجماعات وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين المصوتين بالرفض بأنهم يتلقون أموالا من الخارج ويحاولون أمركة الثورة، حسبما نشر الموقع الرسمى للإخوان المسلمين، حيث نشر خبرا مؤداه أن حملة مشبوهة تقف خلف الترويج لرفض التعديلات، وأن إحدى الجرائد قد نظمت ندوة لرفض التعديلات تبين أن التمويل الأمريكي هو المحرك وراء تنظيم الندوة.

وبعد هجوم القراء على الموقع الرسمى للإخوان حُذف الخبر بعد حوالى ساعة ونصف من نشره، كما نشر موقع المصريون ذات التوجه الإسلامى عدة مقالات تؤكد أن دعاة الرفض يحاولون أمركة الثورة، وأن غرضهم الأساسى ليس رفض التعديلات ولكن تطبيق الأجندة الأمريكية، وإلغاء المادة الثانية من الدستور.

كما بث موقع بوابة الأهرام الإلكترونية خبرا أخر مؤداه أن بعض شباب الإخوان المسلمين هاجموا بعض الشباب الليبراليين فى مدينة الأسكندرية على خلفية دعوتهم لتنظيم مؤتمر لرفض التعديلات الدستورية، وصادروا اللافتات التى تدعو لرفض التعديلات الدستورية، فى الوقت الذى علقت فيه جماعة الإخوان لافتة تدعو فيها المواطنين للتصويت بنعم تحت عنوان إن تأييد التعديلات واجب شرعى كما أفتى بذلك الشيخ المحلاوى !

ومن الإخوان إلى السلفيين الذين أذاعوا بيانا ونشروه بين الناس يحوى اتهامات بالتخوين والتكفير للرافضين للتعديلات الدستورية حيث قالوا فى بيانهم: ( إن أعدائكم يتربصون بكم ويريدون أن يقضوا عليكم بالقضاء على دينكم وشرع ربكم وذلك بإلغاء الدستور لإسقاط المادة الثانية من الدستور أو لوضع دستور يتعارض مع دين الله عز وجل )، ودعوا فى ختام البيان بالموافقة على التعديلات والخروج للوقوف فى وجه أعداء الله !

ماذكرته مجرد نماذج قليلة لما نشر فى مواقع الجماعات الإسلامية بمختلف توجهاتها، وكلها كما رأينا تعج بالتخوين والتكفير والرمى بالعمالة، كل هذا لمجرد الاختلاف حول التعديلات الدستورية، مع أن لكل المعسكرين منطق يحترم فى الرفض أو القبول، غير أن المعسكر الإسلامى سرعان ماأبان عن نواياه وطريقته فى التعامل مع المخالفين، فانهال على المعارضين له بالتخوين والتكفير هذا وهم فى غير موقع السلطة، فماذا لو كانوا فى موقع السلطة؟

الأسوأ من ذلك كله هو الاقحام المتعمد من جانب الإسلاميين للدين فى أمر دنيوى بحت، فراحوا يصدرون الفتاوى بوجوب الموافقة على التعديلات، وخرج بعضهم ليؤكد أن من يرفض التعديلات آثم قلبه، وأن التصويت بالموافقة واجب شرعى.

خلاصة القول فى هذا أن الاقحام المتعمد للدين فى أمور السياسة فى واقع الأمر إهانة للدين وإفساد للسياسة، لاسيما أن نوايا البعض لاتسلم من المآرب الدنيوية!


Share/Bookmark