السبت، 25 يونيو 2011

كانت هى ولاشئ غيرها !

9d28bc05eb

إهداء : إلى صديقتي الصغيرة / المرحة / الحزينة / الجميلة / الحالمة ...

كانت هى ولا شئ غيرها ,,,

بيضاء كانت، صغيرة تكون، جميلة هى كائنة، عيناها تؤطرهما سعادة، ويملؤهما فرح، رغم مايحمل قلبها من حزن وشقاء!

منذ أشهر قليلة نضجت ورقتها التاسعة عشر، وسقطت ورقتي الرابعة والعشرين، كان بيننا سنوات قليلة، ومسافات بعيدة تفرقنا ،ولكن أرواحنا اجتمعت، وعيوننا تلاقت، وقلوبنا هدأت وسكنت، كانت صديقتي، وصديقها كنت ..

في كلية الإعلام في السنة الثالثة كانت تدرس، بل كانت تعشق، فهى لاتدرس الصحافة بل تعانقها، تلثمها، وكأنها امرأة أخرى، ترى المستقبل جميلا، رغم ألم الواقع، وتحمل فى عينيها فرحا بالألم، وسعادة بالحزن، تراها أعينُهم مرحةَ، دائمة السعادة، وتراها عيني مهمومة حزينة، بينما عيناها لاتظهران إلا السعادة، تخدعهم جميعا بابتسامتها الهادئة، لم تكن هادئة، إنما هى مَنْ جعلتها هادئة ..

تحب الموسيقي، وتهوى الرسم، تعشق الرياضة، تجرى، وتلعب، وتلهو وكأنها طيرُ خفيف يتحرك فى أرض شاسعة حيث عيون الصقور مغشية، وتبقى عيناها فرحتان، تضحكان كلما اقتربت منها، لكنى أرى في باطن عينيها حزن يرقد مستكينا مستسلما أسيرا لشئ ما لا أعرفه ..

حولها كثيرون، خشيت الاقتراب منها، فشلُ ألا تحاول حينما تريد، وجنون أن تقتحم امرأة تحلق فى سماء الحرية، ترددت كثيراً وقليلاً قبل أن أقتحمها، وكيف تقترب من امرأة نضجت قبل أوانها، امرأة طفلة، وطفلة في امرأة، مرحة حزينة، ثرثارة هادئة، تحمل جنون الحكمة، وحكمة المجانين !

يوم جلسنا سويا، جمعتنا الصدفة، كنت وكانت ومعنا صديقتنا . يظل المرء سباحا ماهرا مادام بعيدا عن النهر، غير أنه حين يلاطم المياه يحس بعجزه، ويشعر بضعفه، هكذا كنت حين كانت منضدة تفصل بيني وبينها، بجرأتها راحت تتكلم عن الليبرالية والحرية، ومستقبل الصحافة، والصحافة الشعبية، والموسيقى والفن والأدب ..

كلما حاولت أن أنتزع كلمة من بين شفتي، وخزني عقلي، ونهرني قلبي، أخشى أن أتكلم فأفقدها، والخشية خوفُ ممزوج بالحب، هل أحبها؟

التفتت إليّ، فطافت خصلاتها حول عينيها، بيديها الصغيرتين أزاحت خصلاتها، وقالت: محمد إنت إيه رأيك فى موضوع المعاكسات ده ؟

اجتاحنى شرود، وخالجنى خوف، وبعفوية طفل قلتُ لها: انا ضد المعاكسات بس لو شفتك في الشارع هعاكسك ..

خرجت من صورتها الهادئة، وأطلقت ضحكة خطفت العيون من حولنا، إلا أن ضحكتها طمأنتني، ودفعتنى لأغرد معها، يومها عِرفت كيف أطير، أخذتنى معها فى عالمها وحلقنا سويا بعيداً عن هؤلاء، انطلقت أتكلم وأتكلم وأتكلم وهى تسمع بهدوء ملفت، لم يكن معروفا عنها أنها تسمع دون أن تشاغب ..

عندما عدت إلى بيتي، فتحت حاسوبي مسرعا، وكأن شيئا ما يركض خلفى، فتحت صفحتها على الفيس بوك وأرسلت لها دعوة للصداقة، كان مفاجئا أن تقبل الدعوة بعدها بلحظات، وترسل لى رسالة: مساء الخير يامحمد، شكرا على الإضافة ..

بعد ساعة أرسلت لي رسالة أخرى تحكى لي إعجابها بمدونتي، وبما كتبته عليها، وتناقشنا فيما كتبته، ورحنا نحكى حتى انتصف الليل !

مرت أيام والرسائل لاتنقطع بيننا، وامتد بيننا شئ ما دافئ ..

تواعدنا على اللقاء، والتقينا، وتكلمنا في كل شئ، الدين والسياسة والأدب والفن، كانت حالمة إلى حد الجنون، متفائلة إلى حد اللاعقل ..

أخذتنا نشوة الحكى، وحين أفقنا منها، وجدتنى أعرف عنها الكثير، حكت لي الكثير عنها، أطلقت الحزن الأسير من باطن عينيها، لا أعرف لماذا أنا، وهى أيضا لاتعرف، سالت دموعها حين عادت إلى بيتها، لأنها حكت لي ..

تجردت من قيود سربلت نفسها بها مذ سنواتٍ بعيدة، وحكت لي الآمها وأحزانها وجراحها، بكتْ كثيراً لأنها تحكى لي، ولكنها فرضت على نفسها أن تحكى ..

أظهرت لي ضعفها، وأودعت هموما وأحزانها لدى، واقتربت مني واقتربت منها، غريب أننا ظللنا أصدقاء ولم يداخلنا شعور بالحب الغريزي ..

استمعت إليها وهى تحكى عن عريسها المنتظر، وعن الضغوط التى تتحملها من أهلها لقبول العريس، وعن رغبتها فى الحرية حتى تحقق أحلامها، صحفية كبيرة، تغير شكل الصحافة المصرية، فتاة تعتمد على ذاتها، تحس بالأمان من داخلها لا من رجل، تكتب وتصور وتعزف ..

يومها وددت لو أسندت رأسها على صدري، بل تمنيت أن أضمها وأشعرها بالأمان فى صدري، وبالحرية التى تتوق إليها، لماذا يريدون قتل حلمها؟ لماذا يخشون من حريتها ؟

لا أعرف لماذا تذكرت كل ماحدث بيننا بينما اقرأ دعوة زفافها !


Share/Bookmark

10 التعليقات:

Ibrahim Awwad يقول...

جميلة جداً يا محمد وبتفكرنى بتجربة شخصية جداًليا تقريباً بنفس التفاصيل مع اختلاف الزمان والمكان :) بالتوفيق

banota moshagba يقول...

مش نكد خالص

Heba يقول...

رائعة يا محمد، بجد ممتعة. سلم ايدك :)

جواهر بنت محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يقول...

جميلة جدا لغة الحزن بخطك.
شكرا لك.

asmaa elzyat يقول...

حلوه أوي...المدونه بتاعتك كلها عمتا جامده جدا

محمد أبو العزم يقول...

شكرا ياأسماء .. ده من ذوقك

ميادة يقول...

كنت مبتسمة طول ما قاعدة افراء لحد ما نكدت عليها في الاخر .. بس جميلة اوي اوي يا مفكر .. بتبدع في الكتابة عن المشاعر :)

بردوا ميادة يقول...

تصحيح:
نكدت علية *

اخبار سياسية يقول...

رائعه

crazy yoyo يقول...

جميلة اووووووووي

إرسال تعليق